انتهينا في كلمتنا السابقة إلى أن ترامب وجد في قانون قيصر القاضي بمعاقبة النظام السوري على ما ارتكبه في حق شعبه من جرائم مخرجاً له في تحسين صورته أمام شعبه،الذى فشل في كيفية مواجهته لوباء كورونا، وفي كيفية معالجة التظاهرات الأمريكية، وحاول بالتوقيع على هذا القانون أن يثبت لشعبه أنه ليس بالفاشل، وأنه يستطيع أن ينجح في شيء ما، ولو كان ذلك في معركة أخرى خارج الأرض الأمريكية، ولكن الرياح قد تأتى بما لا تشتهي السفن، فبينما هو يستعد لتنفيذ قانون قيصر وفرض عقوبات اقتصادية قاسية في حق سوريا (لا يهم إن ابتلى بها الشعب السوري نفسه)، إذا بالليرة السورية تتعرض لانهيارات تاريخية غير مسبوقة وليس لترامب يد فيها، حيث ارتفعت أسعار السلع والخدمات بشكل جنوني، بحيث أصبح الحصول على أى منها فوق مقدرة المواطن الذى يئن معظم أهله تحت خط الفقر، ولدرجة أن التاجر السوري المعروف عنه بشطارته التجارية، اضطر إلى غلق باب دكانه بسبب حمى ارتفاع الأسعار المتزايد، إذ كان يخشى من بيعها لأن سعرها سيرتفع في الغد من جديد وتتفاقم خسائره، وتواكب مع الحالة المتردية لما وصل إليه حال الشعب السوري، فقد كشف النظام عن حجم الفساد الذى فاق حده في المنظومة الحاكمة، بل بين أجنحة العائلة الحاكمة نفسها، بالإجراءات التي اتخذت بحق أحد أضلاع العائلة، لينكشف وبشكل علني ذلك الفساد العائلي الذى كان الحديث من حوله يجرى همساً، ليصبح علانية، ونتج عن كل ذلك تململاً من هذه الأوضاع بين الاحتياطي المضمون الذى كان النظام يعتمد عليه في الصراع الداخلي، ومنها الأقلية العلوية والدرزية والساحل السوري، ليجد النظام نفسه يكاد يفقد هذا الاحتياطي المؤيد له على طول الخط له،أما عن قسم آخر من الشعب الذى كان معارضاّ للنظام دون أن يفصح عن ذلك (ناهيك عن التيار المعارض منذ البداية)، فالظروف القاسية التي وجد فيها نفسه، والفساد، فاندلعت التظاهرات، والعجيب أنها بدأت ممن كان احتياطياً مضموناً للنظام، والمتوقع أنه ستستشرى في الأيام المقبلة، وقد كان من المتوقع أن تهب الدول المساندة للنظام (روسيا وإيران) لنجدته بالمعونة المادية،لكن كليهما لم يعد في مقدور أي منهما تقديم ذلك ،بسبب صعوبة ماهم فيه من أوضاع اقتصادية(هبوط أسعار النفط وظروف وباء كورونا)،لذلك لن يجد النظام من يهب لمساعدته، وبالتالي سيشهد الوضع الاقتصادي مزيداً من هبوط الليرة السورية، وهذا ما يؤدي إلى خنق الشعب، ولأن شر البلية مايضحك كما يقولون فقد عبر رسام كاريكاتوري عن الحال الذي وصلت إليه الليرة السورية بصورة لمواطن يستخدم الليرة كلفافة تبغ !!، أما عن الرئيس الأمريكي ترامب، فإنه أمام هذه المستجدات السورية ،والتى وصلت إلى حال بالغ السوء وبدون تنفيذ مقررات قانون قيصر، وهو الذى ماكان يتمناه إذ ستحرمه من بطولة يحتاجها، بطولة تنقذه من صورة الفاشل خصوصاً وأنه في فترة ما قُبيل الانتخابات،فهل سيقدم على تنفيذ مقررات القانون في الأيام القادمة رغم كل ماحل بالشعب السوري، وهذا ما أتوقعه، لكن ماذا عن روج آفا وموقفها من القانون، وموقف القانون منها، وعن هذا يدور حديثنا القادم.