No Result
View All Result
المشاهدات 0
آزاد كردي –
لا شكّ أنّ التّفجير الّذي حدث في منبج وسط المدينة؛ أحدث جدلاً عمن يقف وراء هذا العمل الإرهابي، فعلى الرغم من أنّه ليس الأول إلّا أنهُ أكثرها دموياً منذ انتشار قوات التحالف على الأرض السّورية، وعِبر الحصيلة الأولية، لعدد الذين استشهدوا وكان الضحايا ثلاثة عشر شخصاً بينهم أربعة جنود أمريكيين ومرافقين من قوات مجلس منبج العسكري؛ فضلاً عن كون التفجير ضرب عمق المدينة التي عاشت زهاء عامين من تحريرها بهدوء وأمان تام، بعيداً عن كلِّ ما يحدث على السّاحة السّورية من نزاعات وصراعات بين مختلف الأطراف المتصارعة.
ويثير توقيت الهجوم الانتحاري على الدّورية الأمريكية في المطعم مجموعة من التّساؤلات، بشأن الجهة المستفيدة من هذا التفجير الإرهابي، ومنذ أواخر العام السّابق، قررّت الولايات المتّحدة إعلان انسحابها من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية؛ على إثر ذلك تأهّبت تركيا لشنّ عمل عسكري على مناطق سيطرة قسد؛ بحجة محاربة داعشّ ، وقوات سوريا الدّيمقراطيّة التي تعتبرها أنقرة إرهابية. في الوقت الذي قام به وفد من مجلس سوريا الدّيمقراطية بنشاط دبلوماسي ملحوظ، من أهمها زيارة إلى فرنسا، وأخرى إلى دمشق؛ عرضوا من خلالها خارطة طريق؛ كان أبرزها الاتفاق على تسيير دوريات مشتركة على الحدود الشّمالية من مدينة منبج.
استهداف الجنود الأمريكيين، أعاد الطرفان الأمريكي والتّركي إلى النقيض بشأن الضغوط على التي مارسها كل طرف على الآخر، كان أخرها تحذير ترامب بتدمير الاقتصاد التركي في حال هاجمت أنقرة مناطق قوات سوريا الديمقراطية. هذا الهجوم كان ردة فعل طبيعية؛ لإعادة واشنطن قراءتها للمشهد السّياسي السّوري في هذه المنطقة؛ تمّت ترجمته مؤخراً من خلال استبدالها قرار الانسحاب السّريع بعملية متأنيّة؛ تأخذ في حسبانها حماية قوات سوريا الديمقراطية، الذين ساعدوا التحالف الدولي في دحر داعش، وقرب القضاء عليه في جيبه الأخير بهجين.
وتركيا المستفيد الأكبر من عملية التّفجير؛ باعتبارها تحاول إعادة عجلة المشهد إلى مربع الصفر، الذي انتهى منه العام السابق قبل أيام قليلة في 18 كانون الثاني حين لوّح ترامب أنَّ بلاده ستبدأ عملية الانسحاب من سوريا. في المقابل أعدّ أردوغان العدة والجاهزية للهجوم على مناطق شمال وشرق سوريا، في محاولة منه لتوسيع مملكته العثمانية الجديدة، متجاهلاً بذلك قيم وحقوق الشّعب السّوري في العيش بسلام وأمان على أرضه، وهو ما استنزف خيرات المواطنين، وأرزاقهم، واضعاً كِلا البلدين أمام مبدأ العصا والجزرة في تنفيذ خياراتهما في هذه المنطقة. ومازال أردوغان يحلم بتحقيق هواجسه بدخول هذه المنطقة مع اختلاف واضح في توجّهاته مع الحليف الأمريكي، فكان الحدث الأبرز؛ رفض أردوغان استقبال جون بولتون في أنقرة؛ ما نتج عنه إدخال الوضع السياسي في ضبابية تامة. في لحظات قليلة نستطيع القول إن الجميع، بدأ يتكهّن، ما الخيارات المطروحة على الأرض؟ خاصة من قِبل الجانب الأمريكي؛ إذا فكر بالانسحاب من سوريا؛ ستكون أمريكا في موضع لا يُمكّنها معه استدراك عواقبه. وهو ما معناه إفلاس واشنطن تاركة المجال للدول اللاعبة في اتفاق سوتشي؛ للعب أوراقها في المشهد السّياسي، مما يتيح لروسيا السّيطرة على القرار السّياسي برمته، إلى جانب إيران التّي سوف تعتمد على حلفائها؛ لتمويل اقتصادها المتهالك، كما هو الحال في اعتمادها على النفط العراقي.
إن الاقتتال الأخير في إدلب؛ نتج عنه توسيع نطاق القرار التركي لكافة الفصائل الموجودة على الأرض؛ بما فيها هيئة التحرير الشام ـالنصرة سابقاًـ؛ لتقوم بدعمها وزيادة رواتب مقاتليها. وليس من المستبعد أن يقوم داعش بهذا التفجير، وهو الذي عُرِف عنه منذ إعلان أبو مصعب الزرقاوي بإنشاء دولة في العراق والشام، وليخلفه أبو عمر البغدادي، ومن ثم أبو بكر البغدادي الذي ضم للعراق سوريا أيضاً في ذلك. وهم لا يزالون يقومون بهذا النوع من التّفجيرات التّي أدمى بها مناطق كثيرة من العراق وسوريا، فقتل، وذبح، وخطف، وسبي، وغيرها من الأفعال التي يندى لها جبين الإنسانية. لكن؛ هذه الحقائق لا تحتاج إلى براهين قاطعة؛ لأنها أصبحت من المسلمات، ومقروءة من قِبل الأهالي كافة في جميع المناطق التي كان يسيطر عليها داعش. وهذا النوع من العمليات؛ لا ينفذه إلا أصحاب الفكر الظلامي المنغمس بالتكفير والقتل.
ولابد من عرض فكرة، يجهلها البعض في مقابل فكرة وضوح منهجية هذا الفكر، وتعزو هذه الفكرة فيمن أوجد داعش؟ ومن أدخل داعش؟ ومن موّل داعش؟ هذه الأسئلة بات الكثير من الشعب يعرفها على حقيقتها، خاصة أن الكثير من الصحف الأجنبية، قد عرضت حقائق، تثبت تورط تركيا بذلك ورعايتها له. إذاً يبدو المشهد جلياً وواضحاً من المستفيد في مثل هذا الهجوم على مدينة منبج؛ سوى تركيا وداعش.
فقد أوضح نوري محمود المتحدث الرسمي باسم قوات سوريا الديمقراطية؛ من أن تركيا تريد أن توضح أن هذه المنطقة غير آمنة؛ لشرعنة عمليتها العسكرية المرتقبة في سوريا. كما قال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أردوغان كلما تحدث عن مواجهة داعش بنفسه؛ صعّد داعش من وتيرة هجماته على مناطق من الرقة، وليس أخرها تنفيذ هذا الهجوم الانتحاري. فالمنطقة الأمنة التي تم التباحث خلالها بين الطرفين الأمريكي والتركي؛ تحتاج إلى منطقة غير آمنة في نظر تركيا، في إشارة إلى سعي تركيا لزعزعة الأمن في هذه المناطق لضمان الحصول على شريط هادئ من تواجدها فيه، كما إنها تريد الضغط على أمريكا؛ لإحراجها من تواجدها العسكري في المنطقة بهدف تسريع عملية الانسحاب، وذلك من خلال إلحاق أكبر خسائر بشرية للقوات الأمريكية. لكن؛ الواقع قد يغاير هذا السيناريو بالمطلق، فقد يأتي بنتائج عكسية، ويدفع ترامب إلى إبقاء قواته أطول فترة ممكنة، فتنقلب العصا على الساحر، ليكون البقاء الأمريكي بدون سقفٍ زمني.
No Result
View All Result