أثر تجفيف الاحتلال التركي نهر الخابور على الزراعة والثروة الحيوانية في مقاطعة الجزيرة؛ فيما يؤكد الفلاحون الذين كانوا يسقون أراضيهم منه؛ أنهم اضطروا إلى تقليص المساحات المزروعة نتيجة هذا الجفاف.
انعكس جفاف نهر الخابور في مقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا بشكل سلبي على المزارعين في المنطقة، حيث بدأت مياه النهر فعلياً بالتراجع منذ عام 1990، ليجف بشكل نهائي خلال الأعوام الماضية، الأمر الذي تسبب بترك المزارعين مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وهجرها بحثاً عن مصادر رزق أخرى لهم.
ويعود السبب الرئيسي بجفاف النهر إلى سياسة التجفيف التي اتبعتها دولة الاحتلال التركي طوال العقود الماضية؛ وذلك عبر حفر عشرات الآبار في محيط النبع. كما أن التغيرات المناخية التي عمّت منطقة الشرق الأوسط خلال العقود الثلاثة الأخيرة أسهمت في زيادة حدة جفاف الخابور.
وهناك أسباب متعددة أخرى لجفاف النهر، منها الحفر العشوائي في منطقة حوض النهر كحفر الآبار العشوائي لحوض النهر في الجانب التركي والزراعات المستنزفة للمياه، مثل الذرة والقطن، والاستجرار العشوائي والكبير للمياه.
أما الآثار السلبية فمنها اقتصادي واجتماعي، حيث خرجت مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية عن الإنتاجية الزراعية وبالتالي تأثر النهر، حيث يعتمد 90 بالمائة من السكان على الزراعة.
تراجع الزراعة والثروة الحيوانية
المواطن “حميد الرجب” قال في هذا السياق: “منذ عام 1965 كان الناس يعيشون على نهر الخابور، يزرعون القمح والقطن والعنب من تل طويل وصولاً إلى تل هرمل على ضفتيه، ومنذ انقطاع المياه تحولت الأراضي لخراب”.
وأضاف الرجب: “عندما كان الخابور عامراً كانت هذه الأراضي عبارة عن جنة، ولكن بعد جفاف الخابور نهائياً، ساء وضع الناس وتراجعت الزراعة والثروة الحيوانية. وزاد الفقر لدرجة كبيرة”.
أما المواطن “محمود جواد”، وهو من المزارعين القلائل في المنطقة، فقال: “كنا نعيش على نهر الخابور، منذ عدة سنوات المياه مقطوعة، كنا نزرع في السابق نحو 600 دونم (60 هكتاراً)، والآن خسائرنا باهظة ولا نزرع أكثر من 40 دونماً (4 هكتارات)، ليعيش أبناؤنا بسلام ولا نمد أيدينا للغير”.
مطالب بالتدخل الدولي
وطالب جواد الجهات الدولية بالتدخل لمنع تركيا من الاستمرار بتجفيف النهر؛ مضيفاً: “ليدعونا نعيش وتعيش حيواناتنا التي تموت بسبب قلة الأمطار، هذه المياه لا تكفي، هي تخزين من الأمطار، ولم يبق في قريتي من ثلاثين مزارعاً سوى مزارع واحد”.
والجدير بالذكر؛ إن الخابور هو النهر الأول من حيث الأهمية في مقاطعة الجزيرة بشكل خاص، فهو النهر الوحيد الذي ينبع ويصب في سورية وتتم الاستفادة منه بشكل خاص، يمتد من سري كانيه، منبع النهر، وحتى البصيرة في دير الزور، طوله حوالي 320 كيلومترا.
أما المساحة على طرفي الخابور فتشتهر بالعديد من الزراعات، وأهمها القمح والقطن والشعير والخضار الصيفية والشتوية، والمساحة المروية تقدر بنحو 150 ألف هكتار، بالإضافة لمشاريع الري، مثل سدود الحسكة الشرقي والغربي بالإضافة لسد الحسكة الجنوبي، بالإضافة لاعتماد مدينة الحسكة وضواحيها على سد الحسكة الشرقي.
والخابور ينبع من عدة ينابيع في سري كانيه، إلى الغرب من المدينة قرب الحدود السورية -التركية، من أهمها عين كبريت، وعين الحصان، وعين الزرقاء الشمالية، وعين الزرقاء الجنوبية وعين المالحة وعين الفوارة.
وأهم نبعين يغذيان الخابور هما: عين كبريت، كما يتلقى الخابور في بداية تشكله من الينابيع السابقة مياه الخابور التركي الذي يشكل نبع عين غزال عند سفح جبل كارداغ في باكور كردستان وتتدفق مياهه المحدودة الكمية إلى الشرق مباشرة من تل حلف.
ونتيجة لتشييد الفاشية التركية سداً على الخابور في أراضيها، وحفر الكثير من الآبار الجوفية، فإن نهر الخابور التركي لا يصل إلى سوريا إلا في سنوات الأمطار الغزيرة وفي نصف السنة الشتوي.