سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

تأثير تأخّر الهطول المطري على الزراعة والمجتمع

محمد سعيد_

من خلال الدراسات تبيّن أن موعد أول هطول مطري في سوريا، يكون ما بين النصف الثاني من شهر أيلول والنصف الثاني من شهر تشرين الأول، وبالمقارنة مع وضع الهطول المطري للموسم الحالي نلاحظ أن هذه المدّة انقضت ولم نرزق بالهطول المطري، ممّا استدعى تخوّف المزارعين، وبخاصّة المزارعون أصحاب الزراعات البعلية، وبعدّ أن موعد بداية الموسم يُعد ّمؤشراً هامّاً عن طبيعة هذا الموسم أو ذاك، وهذا ممّا جعل الكثيرين يعتقدون أنّ بداية هذا الموسم غير مبشرة، وهذا الاعتقاد دفع الكثير من المزارعين إلى التفكير بشكلٍ جديٍّ بالامتناع عن زراعة أراضيهم هذا الموسم، وتركها بوراً؛ بسبب انقطاع الهطول المطري في هذه الفترة، أي الفترة الحالية من منتصف أيلول لغاية النصف الأول من تشرين الأول، لأنّه مؤشّر فيما يتعلق بهم على مدى سخاء فصل الأمطار، وناهيك عن ارتفاع تكاليف ومستلزمات الزراعة، والارتفاع الكبير في أسعار البذار لمختلف المحاصيل الزراعية؛ ممّا يرفع من درجة التردّد لدى المزارعين، لأنّ خسائرهم ستكون باهظة، فيما لو استمر وضع الهطول المطري على هذه الحال، وبخاصّة أنّ موعد آخر هطول في سوريا عادةً يكون ما بين الأول من أيار حتى الثلث الثاني منه،  وبناءً على ذلك تتراوح مدّة الموسم المطري الفرضي ما بين (6-8)  شهور، بينما تتراوح مدّة الموسم المطري الفعلي ما بين (5-7)  شهور،  فكلّما تأخّر الهطول قَصُرت مدّة الموسم المطري؛ ممّا يؤثّر بشكل كبير على إمكانية فشل أو نجاح هذا المحصول أو ذاك،  والذي سيؤثّر بشكل قطعي على إنتاجية بعض المحاصيل سلباً، وخاصّة المحاصيل الاقتصادية والضرورية للمعيشة، ممّا يُنذر بكارثة اقتصادية وغذائية واجتماعية كبيرة، فيما لو استمرّ الجفاف.
إنّ الهطول المطري يعدّ من عناصر المناخ الهامّة حيويّاً، لكونه يلعب دوراً أساسياً في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والطبيعية في سوريا ككل، ومنطقتنا خاصةً، وتزداد أهميته في سوريا نتيجة الافتقار النسبي للمياه السطحية الجارية فيها، في مناخ يمتدّ فيه الجفاف لأكثر من نصف العام في معظم مساحة سوريا.
 انعدام الأمطار أو انحسارها يتطلّب منّا وضع خطّة دعم للمزارعين والفلاحين الصغار، لتشغيل المشاريع الزراعية، وتوفير مصادر الطاقة اللازمة والكافية لتشغيل الآبار الزراعية المتوقّفة عن العمل منذ فترة ليست بالقصيرة، ووضعها في الخدمة والاستثمار السريع للحدّ من التأثير العام للجفاف على المنطقة من خلال زيادة الأراضي المزروعة؛ لتوفير كمية مناسبة من المحاصيل الزراعية التي تسد جزءاً من الحاجة الكلية للسكان في قادم الأيام؛ لتفادي حدوث كارثة إنسانية بسبب ارتفاع معدلات الفقر، والتي ستؤدي بدورها أيضاً إلى ارتفاع معدلات البطالة والمشكلات الاجتماعية، وعدم الاستقرار في المجتمع الذي لم يعد يحتمل أيّة مشاكل أخرى، تكون أشد فتكاً ووطأة ممّا يعانيه في الوقت الراهن.