سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

بيريفان خالد: “ثورة التاسع عشر من تموز وهبت الحياة لشعوب المنطقة”

حوار/ إيفا ابراهيم –

أكدت الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بيريفان خالد أنّ ثورة التاسع عشر من تموز قامت نتيجة الظلم والاستبداد الذي كان يمارس بحق شعوب المنطقة، وأشارت إلى أنها حققت الكثير من المنجزات الهامة التي تحسب لها، وكان من أهمها الإعلان عن الإدارة الذاتية في إقليم الجزيرة، ومن ثم الإدارات في عفرين وكوباني. وأشارت بأن تأسيس وحدات حماية الشعب والمرأة كانت من المكتسبات التاريخية، ومن ثم تحولت إلى قوات سوريا الديمقراطية، حيث حررت كافة مناطق شمال وشرق سوريا من إرهاب داعش والمجموعات المرتزقة الأخرى، بعدما ضحت بالآلاف من الشهداء.
ثورة التاسع عشر من تموز كانت الرد المناسب والفعلي على حكم الفرد الواحد والتسلط ضد شعوب المنطقة، وكانت محطتها الأولى مدينة كوباني، حيث انطلقت منها شرارة الثورة الشعبية العارمة، ويالها من صدفة عظيمة، عندما جمعت المَجدين معاً، فكانت أُمّاً للثورة ومنها بدأت النهاية الفعلية للإرهاب، عندما سجلت اسمها بحروف من ذهب، بمقاومتها البطولية ونصرها المبين.
وحول الذكرى السنوية الثامنة لثورة التاسع عشر من تموز، وما حققته من إنجازات كبيرة؛ أجرت صحيفتنا حواراً مع الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بيريفان خالد.
وجاء الحوار كما يلي:
– ما الظروف التي أدت إلى قيام ثورة التاسع عشر من تموز؟
نتيجة الظلم والاستبداد وحكم السلطة الواحدة ضد أبناء الشعب السوري من قبل النظام السوري الحاكم؛ انطلقت الثورة السورية في 15 آذار عام 2011، وكانت المطالب حينها مطالب شعبية في العيش الكريم؛ ما أدى إلى انطلاق شرارة ثورة 19 تموز من كوباني لتعم مناطق شمال وشرق سوريا بعد ذلك، حيث طردت بقايا النظام من هذه المناطق، لتملأ الفراغ الأمني الذي تركته، وتحافظ على أمنها واستقرارها، وحققت الثورة ما أرادت من خلال نشر مفاهيم الحرية والديمقراطية بين شعوب المنطقة.
– بعد مرور ثمان سنوات على قيام الثورة التي انطلقت من مدينة كوباني؛ ماذا حققت؟
في السنوات الأولى من عمر الثورة ما بين عامي 2011 و2013 تأسست مجالس الشعب والمؤسسات المدنية في هذه المناطق، حيث انضم إليها أبناء شعوبها كافة من كرد وعرب وسريان. وفي أواخر عام 2013 تم كتابة العقد الاجتماعي للفيدرالية الديمقراطية، وهذه كانت الخطوة الأولى لتأسيس الإدارة الذاتية بإقليم الجزيرة في عام 2014، والإعلان عن تأسيس هيئاتها؛ وذلك لأهميتها في تنظيم المجتمع، ومن ثم تأسست الإدارة الذاتية في مدينة الصمود كوباني وعفرين أيضاً، حيث تم تشكيل سبع إدارات ذاتية ومدنية في هذه المناطق، وبعد ذلك تم الإعلان عن تشكيل الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وذلك لتنظيم عمل الإدارات كافة فيما بينها، وهذه من الانتصارات الكبيرة لثورة 19 تموز في مناطق شمال وشرق سوريا.
وإلى جانب تأسيس هذه الإدارات الذاتية؛ تم تشكيل قوى عسكرية تمثلت بوحدات حماية الشعب والمرأة في البداية، والتي كانت نواة تشكيل قوات سوريا الديمقراطية. وبعد تأسيس هذه القوى حررت مناطق شمال وشرق سوريا من المجموعات المرتزقة كداعش وغيرها، فحررت كلاً من منبج والطبقة والرقة ودير الزور، أي ما يعادل 30% من المساحة الإجمالية لسوريا، ويعود الفضل للتضحيات الكبيرة ودماء الآلاف من شهدائنا الأبرار، وكانت أساس هذه الانتصارات ثورة التاسع عشر من تموز.
– هناك مخططات وبرامج رسمت لتحديد مسار الثورة، هل نجحت تلك المخططات والبرامج التي وضعت، وما الصعوبات التي اعترضت طريق تحقيقها؟
عند اندلاع أية ثورة تحدد مسارها أولاً، والثورة السورية لم تحدد مسارها، ولذلك وصلت إلى ما وصلت إليه الآن. ولكن ثورة 19 تموز في مناطق شمال وشرق سوريا حددت مسارها وهدفها، حيث اعتمدت على مبدأ أخوة الشعوب والعيش المشترك ومبدأ الأمة الديمقراطية، وهذه الأسباب هي التي أدت للوصول إلى هذه المرحلة من النتائج الإيجابية والانتصارات. وسعت العديد من الدول الإقليمية لضرب مفهوم نموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية عبر مخططات قذرة، وأوضح دليل على ذلك الهجمات التي شنها جيش الاحتلال التركي على مناطق شمال وشرق سوريا، ووصولها لمرحلة الاحتلال لعدة مناطق، كعفرين وكري سبي (تل أبيض) وسري كانيه (رأس العين)، والقيام بالانتهاكات بحق شعوبها، وبحق المرأة بشكلٍ خاص؛ كون المرأة هي من قادت ثورة الحرية لنيل حقوقها ولا تزال مستمرة للوصول إلى هدفها المنشود. وأوضح مثال عن المرأة الحرة الشهيدة بارين كوباني، حيث قام مرتزقة الاحتلال التركي بالتمثيل بجسدها الطاهر وأمام مرأى ومسمع العالم وسط صمت دولي قل نظيره.
والمحتل التركي؛ يقوم باستهداف أبناء شعوب المنطقة كافة والمرأة بشكلٍ خاصٍ، وهو لا يفرق بين طفل وامرأة وشيخ كبير بالسن وبين العرب والكرد والسريان وغيرهم من شعوب المنطقة.
– تعرضت بعض المدن التي احتضنت الثورة كعفرين وسري كانيه وكري سبي للاحتلال التركي؛ كيف أثر ذلك على الوضع في المنطقة؟
بعد ثورة 19 تموز والمنجزات التي تحققت في مناطق شمال وشرق سوريا بجميع المجالات، ومن النواحي كافة؛ الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية وغيرها، وبعدما أُخرج النظام السوري من مناطق الثورة، كانت البنى التحتية لهذه المناطق سيئة للغاية، لم يكن النظام السوري يقوم بعمله بالشكل المطلوب. إلى جانب ذلك سيطر مرتزقة داعش على عدة مناطق لسنوات وسعوا لنشر فكرهم؛ وهذا ما أثر سلباً على عمل الإدارة، وبعد أن حررت قوات سوريا الديمقراطية هذه المناطق؛ حاولت الإدارة الذاتية تحدي الصعوبات كافة وبجميع مجالاتها، والصعوبات كانت كثيرة ومع ذلك بذلت الإدارة الذاتية ما بوسعها لتقديم كل ما هو ممكن لشعوب المنطقة، وقمنا بالعديد من الخطوات لإعادة بناء البنى التحتية من جديد. ومع الأسف الشديد فإن هجمات جيش الاحتلال التركي لم تتوقف واستهدفت مناطقنا، ناهيك عن الحصار الاقتصادي التي نتعرض له، كما أن هنالك العديد من المخيمات التي تحتضن النازحين، وهذا بحد ذاته عبء كبير يقع على عاتق الإدارة، إضافة إلى وجود الآلاف من مرتزقة داعش في سجوننا.
وفي الآونة الأخيرة اجتاحت جائحة كورونا العالم أجمع، فالدول العالمية وبالرغم من إمكاناتها الكبيرة تأثرت بها بشكل كبير، وأثرت علينا أيضاً وبخاصة أن الإمكانات لدينا محدودة. إلى جانب ذلك؛ فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات اقتصادية عبر قانون قيصر على الحكومة السورية؛ ما أثر على مناطقنا أيضاً، وهذا ما أدى إلى تراجع الوضع الاقتصادي في المنطقة. والمعبر الوحيد الذي كان يجب أن يفتح بقي مغلقاً؛ بسبب قرار مجلس الأمن، وهو معبر تل كوجر، وهذا سيؤثر بشكل كبير على وصول المساعدات إلى مناطق شمال وشرق سوريا.
– ما تدابيركم الآنية للوقوف في وجه تأثيرات قانون قيصر في المرحلة المقبلة؟
قانون قيصر سوف يؤثر بشكلٍ كبير على مناطق شمال وشرق سوريا، لذا اتخذت الإدارة الذاتية عدة تدابير للتخفيف من تداعيات هذا القانون على مناطقنا، وكخطوة أولية تم تشكيل خلية للأزمة الاقتصادية؛ بهدف تفادي العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بموجب هذا القانون. ولتحسين المستوى المعيشي للمواطنين في مناطق شمال وشرق سوريا، تم رفع نسبة زيادة رواتب العاملين لدى الإدارة الذاتية والتي كانت جزءاً من الحل لتخفيف تأثيرات القانون، كما رفع سعر شراء القمح، وفتحت المؤسسات الاستهلاكية ومنافذ البيع في جميع المناطق، وضبطت أسعار الدولار، وهناك مشاريع دعم للاكتفاء الذاتي يتم نقاشها في هذه الفترة، كما سيتم تفعيل الرقابة التموينية وبشكل صارم للحد من احتكار التجار، وهنالك بعض المقترحات وافقت عليها والبعض الآخر موضوع نقاش.
– كلمتكم الأخيرة في ذكرى ثورة 19 تموز؟
نبارك لجميع عائلات الشهداء انتصارات ثورة 19 تموز في مناطق شمال وشرق سوريا؛ لأنهم أصحاب ميراث هذه الثورة، ونعاهد أبناء شعبنا السير على خطى الشهداء، بالرغم من كل التحديات والصعوبات التي تواجهنا.
والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا كونها مكسب هام من مكاسب ثورة التاسع عشر من تموز، لن تدخر أي جهد في سبيل تقديم ما هو مطلوب لشعوب المنطقة، والحفاظ على المنجزات التي حققتها الثورة، وبالطبع للمرأة الدور الطليعي في كل ما تحقق؛ كونها أدت أدواراً لافتة ومن النواحي كافة، سواء من الناحية السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية أو الإدارية أو الدبلوماسية.