قامشلو/ ملاك علي ـ قسم علم المرأة “جنولوجيا” في جامعة روج آفا رؤية شاملة تتيح للمرأة فهماً أعمق لتاريخها وهويتها ودورها في المجتمع، ثماني سنوات من الجهد فتخرجت منه ست دفعات إلى اليوم، وفي خطوة جديدة نحو تطوير هذا المجال، تخطط الجامعة لإطلاق برنامج الماجستير في الجنولوجي.
حيث يقدّم علم المرأة “الجنولوجي” مساحة علمية تسهم في إعادة كتابة التاريخ من منظور المرأة، ومعالجة التحيزات التي استثنت دورها ومساهماتها عبر العصور، فيستقطب القسم العديد من الطالبات اللواتي يسعين لفهم أوسع لقضاياهن واكتساب المهارات، التي تمكنهن من المشاركة في مختلف قطاعات المجتمع، ويعمل القسم على إعدادهن للمساهمة في تطوير واقع المرأة، فيسعى علم الجنولوجي في الإقليم إلى بناء مجتمعٍ قائم على العدالة والمساواة، ويتيح للمرأة فرصة تحقيق إمكاناتها وتطوير قدراتها المعرفية والمهنية.
إبراز تاريخ المرأة وتعزيز مكانتها في المجتمع
وفي هذا السياق؛ كشفت لنا إدارية قسم الجنولوجي “زوزان محمد” عن بدء فكرة فتح هذا القسم في إقليم شمال وشرق سوريا: “يعد علم “الجنولوجي” من أحدث العلوم، التي تم اقتراحها في السنوات الأخيرة، فوضع القائد عبد الله أوجلان حجر الأساس لهذا العلم في كتابه سيسيولوجيا الحرية، والجنولوجي، أو “علم المرأة” امتداد لنضال طويل قادته النساء على مدى العصور، وبعد ثورة روج آفا، التي عُرفت بـ “ثورة المرأة”، أصبح من الضروري إبراز منجزات هذه الثورة من خلال مبادرات علمية تعزز مكانة المرأة، وتمكّنها من تطوير مستواها الفكري والعلمي”.
وبينت زوزان أهمية علم الجنولوجي: “أُسِّس علم الجنولوجي رسمياً في 15 تشرين الأول 2017، أي بعد عام واحد من إنشاء جامعة روج آفا، وقد انضمت العديد من الطالبات إليه، فأصبح ركيزة أساسية لتعليم النساء وتوعيتهن في إقليم شمال وشرق سوريا، ويهدف هذا العلم إلى إعادة قراءة التاريخ بمنظور مختلف، إذ يسعى إلى إبراز دور المرأة التاريخي، الذي تم تهميشه تحت سيطرة السلطة الذكورية؛ ما أدى إلى تجاهل كبير لدور المرأة التاريخي”.
نهضة المرأة وتمكينها إلى مستقبل قائم على المعرفة
تطمح النساء اللاتي يدرسن الجنولوجي إلى استعادة دورهن في التاريخ، وتحريره من التحيزات القديمة، وكذلك إلى تعزيز معرفتهن بذواتهن وبناء شخصياتهن، كما تعهد الجنولوجي بمساعدة المرأة على تقديم فكرها والمساهمة بشكل فعال في المجتمع، من خلال اكتساب المهارات اللازمة للمطالبة بحقوقها وحريتها، كما وضحت زوزان: “فالهدف الأساسي من قسم الجنولوجي هو تقوية النساء من ناحية الأكاديمية والفكرية وبناء أساس جديد لها وإغناء معرفتها”.
تسعى جامعة روج آفا في هذا العلم إلى دعم المرأة، وتمكينها على مختلف الأصعدة، وبهذا يُعد الجنولوجي رمزاً لنهضة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، ويمثل رؤيةً جديدةً نحو مستقبلٍ قائمٍ على المساواة والمعرفة.
شهد قسم الجنولوجي في جامعة روج آفا تخرج ست دفعات منذ انطلاقه، حيث التحقت به منذ أول دفعة 100 طالبة، ومدة الدراسة في القسم أربع سنوات، وقد تمكنت المتخرجات في هذا القسم من الحصول على فرص عمل متعددة ومتنوعة، ليمثل هذا القسم نقطة تحول في مساراتهن المهنية ويعزز حضور المرأة في مختلف المجالات.
مسار جديد لتطوير قدراتهن والتعبير عن طموحهن
تتاح للمتخرجات من قسم الجنولوجي فرص عمل تتجاوز التدريس في المدارس، إذ تعمل العديد منهن في هيئات الإدارة الذاتية الديمقراطية بمختلف مؤسساتها، خاصةً في المؤسسات النسائية التي تعنى بقضايا المرأة ودورها المجتمعي، وتوجد عدد من الخريجات العاملات في مؤسسات مثل “وقف المرأة”، و”إعلام المرأة”، و”مؤتمر ستار”، إلى جانب مراكز الأكاديمية الجنولوجية، ما فتح أمامهن آفاقاً أوسع في بناء مجتمع يعزز مكانة المرأة ويجعلها جزءاً فاعلاً ومؤثراً.
وفي خطوة جديدة نحو تطوير هذا المجال، تخطط الجامعة لإطلاق برنامج الماجستير في الجنولوجي، نظراً لاهتمام بعض الطالبات بمواصلة مسيرتهن الأكاديمية، ويسعى هذا البرنامج إلى تلبية طموحات الطالبات اللواتي يرغبن في الحصول على مستويات أعلى من التخصص، ليصبحن أركاناً أساسية في تعزيز ونشر المعرفة النسوية في المنطقة.
تصنيف المواد وتنوعها
ومن جانبها أوضحت مدرسة في قسم الجنولوجي “دجلة خلف” عن مضمون منهاج الجنولوجي: “ومن أبرز المواد التي يتم تقديمها في هذا القسم، الحياة الندية الحرة، والاقتصاد الاجتماعي، وعلم الاجتماع، والجنولوجي، والتاريخ العام، وتاريخ المرأة، ونساء فلاسفة، والصحة، وعلم البيئة وغيرها من الموضوعات”.
وتابعت: “إن المواد الدراسية في القسم تصنّف إلى ثلاثة أنواع: مواد عامة، ومواد أساسية، ومواد اختصاص، بحيث تهدف إلى تزويد الطالبات بأرضية معرفية شاملة وأدوات تخصصية، وتشمل المواد العامة دورات في اللغتين الكردية والإنكليزية، إلى جانب مادة الحاسوب، التي تهدف إلى تحسين المستوى اللغوي والتقني للطلبة؛ ما يمكّنهن من التواصل الفعال على الصعيدين المحلي والدولي”.
أثر التعليم الأكاديمي في تمكين المرأة
وتطرقت دجلة إلى أنه يرتكز التعليم في قسم الجنولوجي على الدراسة البحثية، حيث يتم تنظيم العديد من ورش العمل بالتعاون مع جامعات من مختلف أنحاء العالم، بهدف رفع المستوى الأكاديمي للطلبة، وتطوير مهاراتهم البحثية، كما يتم تشجيع الطالبات على إجراء الأبحاث، والمشاريع النظرية والعملية التي تُثري معرفتهن وتؤهلهن للمشاركة في المؤتمرات التي تتناول قضايا الجنولوجيا وحقوق المرأة.
تترك الدراسة في هذا القسم تأثيرات كبيرة على الطالبات على الصعيدين الشخصي والأكاديمي، فتعطيهن فهماً أعمق لهوية المرأة ودورها الهام في المجتمع: “تعزز الدراسة قدراتهن على الاعتماد على الذات وتطوير مهارات إبداعية تسهم في تحقيق أهداف تحرير المرأة، وتطوير المؤسسات والمجتمع بذهنيّة لا ذكورية”.