لا يكاد يتلخص الهجوم على شمال وشرق سوريا في سبب واحد، وإنما بجملة من العوامل التي تتكثف من خلال الهجمات من المنابر كافة وهي كثيرة وعديدة، عدا عن ذلك؛ أن وجود الإرهاب في سوريا ورقة تخدم الكثيرين، وكذلك هناك نوع من تعطيل أي توجهات نحو الاستقرار؛ فإن النوايا التي تظهر بهدف ضرب وحدة مجتمعنا بمكوناته المختلفة لا تزال خطيرة، حيث إن ما تعيشه مكونات الشمال السوري وحالة التشارك والتوافق خطر كبير على بعض القوى ومن أهمها تركيا.
لقد حاولت تركيا ولا تزال بكل الوسائل خلق صراع أو فتنة ما بين السوريين، حيث في صيف عام ٢٠١٥ وأثناء حملة تحرير كري سبي (تل أبيض) وسلوك أعلن وقتها أردوغان بأن هناك تصفية عرقية تحدث علماً إن أهالي المنطقة أنفسهم من استنجدوا بوحدات حماية الشعب آنذاك لتحريرهم من ظلم داعش فكان هدف تركيا هو بقاء داعش ومنع تحرير تلك المناطق، فإذا كانت تركيا ترى ولو فرضنا جدلاً من الكرد خطراً على أهالي المنطقة؛ فلماذا كانت تؤمن بالأجانب من الإرهابيين وتريد أن يبقى هؤلاء جاثمين فوق صدور الأهالي؟ مع العلم إن لجان تقصي الحقائق قد أتت وخرجت بتقراير تنفي مزاعم أردوغان وتؤكد افتراءاته.
في عفرين وسياسة التغيير الديمغرافي التي عمدت إليها تركيا كانت في عين الخانة التي أرادت من خلالها خلق صدام مستقبلي مع السكان الأصليين ومع من تم تهجيرهم من مناطقهم إلى عفرين، الحال بالنسبة للعرب الذين تم إخراجهم من مخيمات أطمة وزجهم في معارك عفرين لتحقيق أهداف تركية وصدامات ما بينهم وبين أهل عفرين، ما نود توضيحه هو إن السلاح الأقوى دائماً هو حجم التماسك والتعاون وإفشال مخططات ضرب وحدة الصف ما بين شعوب ومكونات المنطقة.
السنوات التي مرّت أثبتت بواقع فعلي وعملي إن الدماء العربية، الكردية، السريانية والآشورية بمؤسساتها كافة قد امتزجت ودافعت بقلب واحد ضد كل الأخطار التي احاطت بالمنطقة. لذا؛ الانتصارات التي تحققت لن يرغب البعض بدوامها.
إن من يريد تفتيت وحدة مجتمعنا وتماسكه سيبذلون جهوداً حثيثة لتحقيق أهدافهم متى ما توافرت الفراص أمامهم، قراءتنا الدقيقة للأوضاع وقدرتنا على تشخيص جوانب المخططات المخفية ستكشف لنا النوايا من الجوانب كافة، على عموم المكونات في شمال سوريا وشرقها أن يعلموا بأن حقيقة الاستهداف هو بشكله الرئيسي استهدافاً عاماً، لن يكون هناك من هو مُقصى من ممارسات وأفعال تركيا وداعش وغيرهم قطعاً، ففي مناطق دير الزور مارست داعش الإبادة بحق البعض من العشائر، وكذلك جرّدت تركيا في مناطق الباب وإعزاز الرموز الاجتماعية من مكانتهم.
يجب أن نُدرِك حجم المؤامرة على مجتمعنا ونعلم كيف يمكن لنا أن نحمي وحدتنا ونقوي تماسكنا، علينا جميعاً كمكونات في شمال وشرق سوريا أن نعمل على فضح كل المخططات والمشاريع التي تُريد ضرب مشروعنا وأهدافنا في وحدة مجتمعنا ومشروعنا الريادي، مشروع إخوة الشعوب، العيش المشترك، ونهج الأمة الديمقراطية فلسفة الحل وضمان بناء الإرادة الواحدة في تشارك وتعاون وإيمان بمستقبل واحد، في الوقت ذاته أمام كل النوايا المقسمة لوحدتنا الاجتماعية يجب أن يكون لنا مواقف رافضة ومجسدة للإصرار على المضي في مسيرة بناء مجتمع واحد حُر وديمقراطي يعيش فيه الجميع دون تمييز.