سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

بارين أيقونة عفرين

غزالة اليوسف –
تعلَّمت من هذه الحياة أن العمر كفاح، وتعلمت الصبر على الشدائد، وأن تحمل القلم بيد وباليد الأخرى لاح. تعلمت أيضاً أن الأخلاق الحميدة والمُثل العليا والقيم النبيلة في هذا الزمان ذهبت. ولم يبق سوى خناجر غادرة تنغمس في الصدر فتتعَّمق الجراح.
عندما نرى فتاةً يُمثّل بجسدها وهي عاريةً ويُمارس بحقها أقسى أنواع التنكيل، وهي جثةً هامدة، وكأنها حمامة تُشوى على نارٍ هادئة، وما من أحدٍ تفوه بكلمة حقٍ واحدة. هل ذهبت من القلوب الرحمة وماتت ضمائر الأمم, لا أحد سأل لماذا فعلتم بها هذا! وأي ذنبٍ اقترفت؟ فيا للعجب!!
بارين كوباني التي تصدت لهؤلاء الكفرة وهم يحاولون دخول أرضها, فأضمروا لها الحقد والكراهية. ولما قضت شهيدة وصارت بين أيديهم، صبوا جام غضبهم على جثتها الطاهرة.
نقول لهؤلاء الأوغاد الإرهابيين: أهذه رجولةٌ أم تعبيرٌ عن البطولة، أم موتُ ضمائركم؟ يا حثالة الأمم، أصبحتم عاراً على جبين العدالة والأنانية، ومطرقة العار تطرق فوق رؤوسكم ولا مفر من اللعنة ليوم القيامة على ما فعلتموه حيال هذه الفتاة البريئة بارين.
علمت بارين أن المقاومة حياة، وأن الحياة الحرة يلزمها السير على دروب النضال، فصدق من قال: «اطلب الموت توهب لك الحياة»، لأن الحياة الكريمة تأتي بشرف الوطن وعزتّه وهذه أكبر قضية.
ومن يؤمن بقضية أمته يدرك معنى الوجود، فالحياة لا قيمة لها من غير قضية وغاية لتحيي في النفوس الأمل المنشود.
بارين؛ يبقى اسمك علماً على الفداء، وملحمةً بطوليةً منقوشةً بالإباء، دمك مرجٌ على تلال عفرين الأبية، وروحك الطاهرة حلَّقت في الماء كعصفورة يشهد لك التاريخ بأنك بطلة هذا العصر، وأنشودة نصرٍ يرددها الجميع.
أيتها البطلات وأيها الأبطال؛ أنتم اليوم تسطرون أروع ملاحم البطولة والنضال ضد الجيش التركي ومرتزقته، وعندما تقارعونه بهمةٍ عالية تؤكدون كل يومٍ وكل ساعةٍ أن العدوان مصيره الهزيمة، وأن الحق ينتصر في النهاية.