الحسكة/ آية محمدـ إقبال متزايد على مراكز التجميل رغم الأزمة الاقتصادية الحادة، التي يعيشها المواطنون، يشمل طبقات متفاوتة الدخل والمعيشة.
لا يمكن إنكار الدور المميز الذي قدمته معظم الجراحات التجميلية نحو إنهاء عُقد الحروق والجروح، وبعض الإصابات الشائعة التي سبق وأن تسببت بتغيير واضح في الشكل العام للإنسان سواء أكان ذكراً أم أنثى، لكن في الوقت نفسه تجاوز المنظور الحالي تلك الأمور؛ فأصبحت الجراحات التجميلية تتعدى كونها مدعاة طبية، بل أصبحت هوس يعرف بـ “النيولوك”.
آراء حول عمليات التجميل
وفي الصدد، أجرت صحيفتنا روناهي، مقابلات عدة حول انتشار ظاهرة عمليات التجميل، حيث قالت الطالبة الجامعية روجدا يونس 20 سنة بشأن عمليات التجميل: “رأيي محايد في حالة واحدة فيما يخص عمليات التجميل، وربما أميل لأن أكون ضدها”.
وتابعت: “أعتقد بأن من يحتاج لعمليات التجميل هم من لديهم تشوهات خلقية وتستدعي التجميل، لا أن يلهث الناس خلف عمليات التجميل باعتبارها الوسيلة للارتقاء لمقاييس الجمال المتزعزعة والوقتية، والتي تعتمد في غالب الأحيان على المبالغة، واللاواقعية، فالكثير ممن أجروا عمليات التجميل أصبحوا كالنسخ ولا يشبهون أنفسهم أبداً”.
وأضافت روجدا: “اعتراضي الصريح هو أن على الجميع تقبل نفسه كما هو، وإيجاد ما يميز ملامحه الجميلة، فالله خلقنا في أحسن صورة، ولا داعي للعبث بخلقتنا، ومن السيء أن تصبح عمليات التجميل هوساً يمحو بصمة ملامحنا”.
وأردفت: “ومن أسباب الوصول إلى هوس التجميل لدى بعض الناس هو عدم الثقة بالنفس، ومراقبة المشاهير، والتنمر وبالتالي يزيد الإقبال على عمليات التجميل، لأن المتنمر عليه يظن أن بعد عمليات التجميل سيحوز على رضا المتنمرين وسيتوقفون عن التنمر، والمقارنات”.
وفي السياق ذاته قالت رابرين محمد: “أنا مع عمليات التجميل لغرض العلاج لأنها حاجة وضرورة، لكني ضد عمليات التجميل لغرض زيادة الجمال الخارجي؛ لأنها ليست حاجة، وجمال الشكل ممكن أن يلفت الأنظار لكنه لا يلفت القلوب، وجمال الروح وجاذبيتها تكمن في تصالح الشخص مع ملامحه وحبه وتقبله لنفسه كما هي، فالأرواح تميل للروح الجميلة لا للمظهر الخارجي، وتغيير الشكل دليل ضعف الثقة بالنفس”.
وأضافت: “ومن المحتمل، أن المقبل على عملية تجميل واحدة، يقبل على العشرات غيرها، وذلك سيعود بالضرر المادي والمعنوي له، وفي النهاية لا يوجد قانون ينص على أن مستوى الجمال يتحدد بشكل معين للملامح، المجتمع حدد معايير للجمال ليس بالضرورة أن نتبعها أو نسعى للتوافق معها، فكل شخص جميل باختلافه”.
واختتمت رابرين محمد حديثها: “فعندما لا يتصالح الشخص مع ملامحه، ونفسه لن يقبل بتغيير واحد، وسيبقى يسعى للتغير معتقداً أنه سيصل لأعلى مستويات الجمال والمثالية”، مضيفةً، ومن أسباب ذلك، قلة الثقة بالنفس والرغبة بلفت الانتباه باستمرار.
هوس محاكاة المشاهير
وانتشرت ظاهرة عمليات التجميل في عصرنا الحالي بصورة كبيرة لدى الكثير من الأشخاص، ولم تعد تقتصر على التحسين والتعديل فقط، بل امتدت لتشمل محاولات دائمة في إشباع الرغبة النفسية لرفع مستوى الثقة بالنفس.
حيث أكد أخصائي تجميل في مركز للتجميل في مدينة الحسكة “معتز السلطان”، إن الإجراءات التجميلية منتشرة ورائجة حالياً، وهي مجرد رغبة في الاهتمام بالمظهر الخارجي للمرأة والرجل، على السواء.
وتابع: “ولكن هناك حالات تعاني قلقاً مرضياً من صورة الجسد، فقد يتردد هؤلاء على أطباء التجميل بشكل متكرر ودوري، ويخضعون لإجراءات وعمليات متواصلة لحل مشكلات وهمية، أسبابها التشبه بالمشاهير، حيث يلجأ الكثير من الأفراد اليوم لعمليات التجميل تشبهاً ببعض المشاهير، ويعد التقليد الأعمى والرغبة القوية في تغيير المظهر الخارجي، ليتوافق مع اتجاهات الموضة، وهذا من أهم أسباب الهوس بعمليات التجميل الشائعة في مجتمعاتنا”.
دور الإعلام في الترويج للتجميل
وتابع السلطان: “وللإعلام ومواقع التواصل دور كبير في ذلك، حيث تؤدي الإعلانات وكثرة البرامج التي تروج للتجميل، دوراً رئيسياً في تحديد معايير الجمال العالمية، وكذلك المقاييس المثالية للقوام والوجه، التي باتت هاجساً يستحوذ على عقول مختلف الفئات العمرية، والدواعي النفسية مثل انعدام الثقة بالنفس المرتبط باضطراب تشوه شكل الجسد، التي تقود الشخص للتعويض عن ثقته بنفسه، بالإجراءات التجميلية”.
وأضاف: “فيتخيل المصابون بهذا المرض وجود عيوب في أجسادهم غير موجودة في الحقيقة، ويسعون دائماً للحصول على رأي إيجابي من الآخرين بشأن مظهرهم، لمساعدتهم على تخطي القلق والتوتر، اللذين يشعرون بهما بشأن أجسادهم”.
وأكد السلطان، أن مضاعفات هوس التجميل والإدمان على الإجراءات التجميلية، تؤدي إلى الدخول في حلقة مفرغة للبحث عن الكمال، مع ما يترتب عليه من مضاعفات نفسية وجسدية، حيث أن المبالغة في طلب إجراء تجميلي، قد تؤدي إلى نتائج عكسية.
وأردف: “ونلاحظ في مهنتنا، طلب السيدات إجراءات غير ضرورية، رغم تمتعهن بجمال طبيعي، حيث نشاهد في العيادة أشخاصاً من مختلف المناطق لديهم مضاعفات نتيجة إجراء التجميل باستمرار، وأحياناً على أيدي غير مختصين بالتجميل، يدعون القدرة على جعل الشخص نسخة من صورة يطلبها مقابل مبالغ زهيدة، وباستخدام مواد غير مرخصة، وهنا يكون العلاج أصعب، ويحتاج أحياناً إلى مدة أطول”.