في ظل هيمنة الأنظمة التقليدية المركزية في المنطقة وممارستهم لكل ما من شأنه تمزيق وتفتيت وحدة المجتمعات وخيارات لقائهم وعيشهم معاً كما هي حالتهم الطبيعية قبل تدخل هذه الأنظمة؛ فإن ما نجم عن ثورة شمال وشرق سوريا – روج آفا والانتصارات التي تحققت في وحدة وتماسك الشعوب عبر مشروع الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب ومن خلال النأي بالنفس حيال الصراع الدائر على السلطة والحكم الفردي وذلك عبر تبني الخط الثالث القائم على تطوير إرادة المجتمع وثورته الديمقراطية؛ كل هذا لا يمكن اعتباره إلا إنجازاً ومكسباً تاريخياً في منطقتنا ولشعوبها المتعددة.
في الوضع المعقد هذا ومن خلال النموذج المشار إليه؛ تبقى القضية الكردية حاضرة بقوة. لكن؛ سبل حلها لا تكمن أيضاً بالسمات العادية وإنما بطرح جديد، بحيث يتم حلها كقضية محورية في الداخل السوري وكذلك حل معضلات جميع الشعوب الأخرى من خلالها ومعها؛ حيث أن حاجة الكرد لهذا الحل هو حاجة مشتركة مع كل الشعوب. لذا؛ يجب أن يتم حل القضية الكردية التي ألزمت نفسها بالحل ضمن الحلول الضرورية لباقي الشعوب ولم تطرح ما يعكس الفردية أو الأنانية في الحل؛ بهذا المنطق وحدة القوى الكردية عامل دعم للحل الذي من خلاله يمكن بناء سوريا الديمقراطية التي تتمثل فيها إرادة الجميع.
ضرورات الوحدة الوطنية الكردية بالتوازي مع أهمية حل القضية الكردية في سوريا؛ تنعكس بشكل مباشر على تطور الحل الديمقراطي في سوريا وكذلك حل المعضلات العالقة الأخرى؛ كما إن الكرد باعتبارهم جزءاً من مشروع الأمة الديمقراطية؛ هذا يعني أن الوحدة الوطنية الكردية أرضية قوية لثبات وتعميم مشروع الأمة الديمقراطية وضمان إلغاء أشكال التفرقة والتصنيف حيال التقارب مع قضايا كل الشعوب.
فيما يخص محاولات الوحدة الوطنية الكردية؛ يجب أن يكون هناك دعم وتشجيع من الكرد ومن غيرهم كون هذه الجهود تقوي المشروع والمظلة الجامعة لكل الشعوب وتعزز فرص تطور المشروع الديمقراطي وتنبذ احتكار القضايا أو التفرد في المقاييس التي تتعارض مع مشروع الأمة الديمقراطية. لذا؛ تسخير الإمكانات من أجل نجاح وحدة الصف الكردي يجب أن تكون موجودة ويكون هناك جهد وتحرك مسؤول حيال هذه الجهود والمحاولات.
يجب أن يكون الإصرار على وحدة الحركة السياسية الكردية قوياً ويجب أن نناضل بقوة في سبيل إنجاح هذه الوحدة وتحقيق الآمال التي لا تزال قائمة وتحلم بهذه الوحدة. علينا تحقيق وحدتنا من أجل الوفاء لدماء شهدائنا ومن أجل تحقيق قوتنا والحفاظ على دورنا التاريخي الذي بات في مستوى التأثير بمجمل القضايا المحلية والإقليمية. إلى جانب هذا الإصرار؛ يجب أن يبقى ثباتناً قوياً ونضالنا مستمراً من أجل الحفاظ على ما تم تحقيقه من خلال مشروع الأمة الديمقراطية وتطوير هذا المشروع بشكل مستمر؛ كونه السبيل الأضمن لبناء الإرادة والدور المسلوب منذ آلاف السنين.