سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الهجرة من أخطر تبِعات الأزمة السياسيّة.. تداعياتها وحلول تحدُّ منها

قامشلو/ علي خضير –

أوضح سياسيون خلال الندوة الحوارية التي أُقيمَت يوم الاثنين الفائت بمدينة قامشلو من قِبل مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية مُعاناة المُهجّرين، والسياسات الممارسة بحقهم، وتحدثوا عن عدة حلول هامة من شأنها أن تحل مشكلاتهم، وتؤمِّن لهم عودة آمنة إلى مواطنهم.
وعلى هامش الندوة الحوارية التي عقدها مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية يوم الاثنين الفائت في الثاني من أيلول الجاري تحت عنوان “Koçber û tevgera siyasî ya kurd li Rojavayê Kurdistanêk المُهجّرين والحركة السياسة الكردية في روج آفا” بمدينة قامشلو، بعد القيام بجولات على مخيمات المهجرين ومراكزهم وحتى القاطنين في المدن بمقاطعة الجزيرة، رصدنا بعض من آراء المشاركين في الندوة، وكان لهم تعقيبات على ذلك.
أنواع الهجرة وعواقبها
بيَّن عضو الهيئة الإدارية في مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية “كرديار دريعي” أنّه عبر تاريخ الإنسانية كان هناك تهجير طبيعي نتيجة الكوارث الطبيعية، كالزلازل والبراكين، وهجرة العشائر بحثاً عن الرعي وغير ذلك، ومثالاً على ذلك هجرة الأتراك في القرن الحادي عشر إلى منطقة الأناضول، ولكن هذه الهجرة الطبيعية أدت إلى إحداث تغيير ديمغرافي، واحتلال هذه المنطقة بالتالي.
كما أشار إلى أنَّ أكبر الكوارث بالتهجير عندما تحصل بشكلٍ متعمد، كالحروب وغيرها من السياسات الممنهجة التي تُمارَس ضد الشعوب، وخير مثال على ذلك الشعب الفلسطيني الذي تمَّ تهجيره من وطنه وأرضه ويعيش في المُخيمات الآن، كذلك الشعب الأرمني حيث عندما أُبيدَ أكثر من مليون ونصف أرمني عبر تاريخ الدولة العثمانية ودولة الاتحاد والترقي.
الهُجرات التي تعرَّض لها الشعب الكردي
كما تعرَّض الشعب الكردي بعد إحباط ثوراته إلى الهجرات الكثيرة، وعن ذلك قال دريعي: “هجَّر الأتراك أكثر من 700 ألف كردي من مناطق كردستان إلى منطقة وسط الأناضول، خاصةً في القرن التاسع عشر، وفي الوقت الحالي مارست الدولة التركية ذات السياسة مع الشعب الكردي، وهجَّرت الكرد من مناطق سري كانيه وعفرين وكري سبي، واحتلت أراضيهم، كذلك هجَّرت الحكومات الإيرانية أكثر من 50 ألف عائلة كرديّة من شرق كردستان إلى منطقة خراسان، وسبَّبت هذه التهجيرات كوارث إنسانية كبيرة، أبرزها التفريق بين العوائل والعشائر والقبائل”.
وعن أبرز المشاكل التي سبَّبت الهجرة الكبيرة للشعب السوري وتداعياتها، أوضح دريعي أنَّ “الحركات السياسية التي قامت في المنطقة لم تكن بمستوى المرحلة، لذلك لم يكن هناك توحد بينها ولا مشروع وطني جامع، وبسبب ذلك تعرّض شعبنا للإِبادات والتهجير، وكمثال على ذلك يعيش الكثير من سكان مدن حمص وحماة وحلب في الشمال السوري، فما حدث أولاً أدى للتشتت الاجتماعي من عدة نواحي عرقيّة ومذهبية وغيرها، ما يسبب كوارث مستقبلية لسوريا بشكلٍ عام”.
حلول تحدُّ من الهجرة
أمَّا عن الحلول التي من الممكن أن تُساهم في الحد من ظاهرة الهجرة وإعادة المهجَّرين إلى ديارهم، قال كرديار دريعي: “يجب أن يكون هناك توافق كامل في سوريا وفي عموم الشرق الأوسط بين القوى الثورية والقوى الوطنية، من أجل إنهاء الاحتلالات والحروب، في سبيل بناء مجتمع ديمقراطي أكثر إنسانية في المنطقة”.
ومن جهته؛ تحدَّث المحامي “سيبان خلف” عن عدة حلول سياسية واقتصادية تحدُّ من الهجرة في سوريا وإقليم شمال وشرق سوريا بشكلٍ خاص: “يجب أن يكون هناك استقرار سياسي بسوريا عامةً وبإقليم شمال وشرق سوريا خاصةً وإيقاف الهجمات، كما يجب أن يكون هناك استقرار اقتصادي من خلال إنشاء مشاريع جديّة، يؤمن الشباب من خلالها فرص عملهم واستقرارهم، وعلى وجه الخصوص بما يخص المنطقة يجب توحيد الصف الكردي والحوار السياسي والعمل على تأمين مستقبل يرتاح له المواطن في المنطقة”.
 عمليات التهجير جميعها مُمنهجة هدفها التطهير العرقي
كذلك نوَّه سيبان خلف أنَّ المهجرين الذين يقطنون المخيمات بشكلٍ خاص، يعيشون مآسي حقيقية، ويجب التوقف على أسبابها بشكلٍ جدي، وليس فقط تسليط الضوء عليها من الناحية الإعلامية، بل يجب أن يكون هناك تنفيذ لتلبية حاجات هؤلاء المُهجرون أولاً، والسعي لوضع الحلول المناسبة وإعادتهم عودة مثالية آمنة إلى مواطنهم بعد إنهاء الاحتلال.
وتطرَّق “خلف” في حديثه إلى ذكر عمليات التهجير الممنهجة التي حدثت ضد الشعب الكردي منذ مائة عام بأسلوب سياسي اتبعته الأنظمة القومية والدينية: “كان كل من الدولة التركية والنظام البعثي العراقي ضد الكرد بجنوب كردستان والكرد الإيزيديين والكرد الفيليين (قبيلة كردية كانت تقطن على الحدود العراقية الإيرانية). بالإضافة لتهجير الآلاف من الكرد عقب ثورة ديرسم وثورة شيخ سعيد، هذه الخلفية التاريخية والسياسية لا زالت تتكرر، كعمليات التهجير القسرية لسكان عفرين وكري سبي وسري كانيه، وهدفها صهر الشعوب الأصلية والاستيلاء على أراضيهم وكيانهم”.
 واجبات تقع على عاتق الحركة الكردية
وختاماً بيَّن المحامي سيبان خلف أن الحركة السياسية تعاني من ضعف، من خلال الاستبيان الذي تم طرحه في المنتدى، ومن واجبها أن تُمارس الضغوطات على المؤسسات الدولية وتشكّل صندوق مالي لدعم المُهجّرين، بالإضافة لتخصيص يوم في السنة لاستذكار جرائم تهجير الكرد.
كما شدَّد على ضرورة قيام الحركة الكردية بواجباتها من جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وتقديم مقترحات فعلية بالنسبة للمُهجرين، إضافةً إلى ذلك يجب إقامة فعاليات ثقافية ومساعدة الجمعيات الخاصة بالمهجرين، وأن يكون هناك توحيد للخطاب السياسي لكل الأحزاب الكردية، كحلول فعالة لمشكلة المهجرين.