No Result
View All Result
المشاهدات 1
ـ د. هاجار عبد الفتاح
الواقع أنه كون النفط ثروة وطنية ناضبة وكونه رأسمالاً وطنياً عاماً، كما أن كون عائداته إيرادات رأسمالية عامة غير متكررة كل هذا يتطلب وجود نظرة جديدة إلى مرتكزات السياسة المتعلقة بإنتاجه واستخدامه، وكيفية استثمار عائداته والاستفادة منها، بشكلٍ يحفظ للأجيال المقبلة حقها في هذه الثروة فضلاً من عدم حرمان الجيل الحالي من حق الانتفاع به.
وإذا كان النفط في دول المنطقة ثروة عامة فإن ريعه الاقتصادي يشكل أساس الدخل القومي والحكومي، فهو الممول الأول لكافة أوجه الإنفاق، والعلة المباشرة والوحيدة لارتفاع مستوى المعيشة في هذه الدول. وتوفر الخدمات المختلفة بها، ومن البديهي أن إنتاج النفط عملية غير متجددة ومن هنا فأنها تختلف عن الإنتاج الزراعي القائم على الموارد الطبيعية المتجددة، أو إنتاج الصناعة التحويلية القائمة أساساً على التراكم الرأسمالي، وعلى إنتاجية العنصر البشري سواءً كانت مساهمته على شكل عمل مباشر أو قدرة إدارية أو معرفة تقنية، وحيث إن هذه الطبيعة غير متجددة للثروة النفطية تجعل من عائداته دخلاً رأسمالياً غير متكرر، يعتمد تدفقه على وجود هذه الثروة، وينتهي باستنضابها، وحيث إن عائدات النفط تُمثل دخلاً ناتجاً من جراء بيع أصل ناضب، أي تسييل رأسمال، فإن ذلك يُحتم تمييز هذه العائدات عن الدخل الجاري، واعتبارها دخلاً رأسمالياً يجب أن يعاد استثماره في أصول رأسمالية منتجة، وعدَّ توجيهه إلى سد احتياجات النفقات الجارية، وعلى الأخص غير الاستثمارية منها.
ومن ناحية أخرى؛ فإن العلاقة بين الأجيال المتعاقبة تقتضي تشبيه عائدات النفط بالقرض، حيث يمثل الجيل الحالي الطرف المستدين بينما تمثل الأجيال القادمة الطرف الدائن. وبما أن إنتاج النفط في الوقت الحاضر يحرم الأجيال القادمة من إمكانية الاستفادة منه، فإن المبرر الأخلاقي لإنتاجه من حيث المبدأ يجب أن يكون مرتكزاً على وجود فرص استثمارية تؤدي إلى بناء أرصدة منتجة مادية وبشرية قادرة على توليد دخل خاص في المستقبل بالإضافة إلى الحاضر.
وهذه الحقائق تحتم استثمار عائدات النفط وليس استخدامها لسد احتياجات الإنفاق الاستهلاكي. كما نؤكد ضرورة خلق أرصدة عامة تحل محل الثروة العامة التي يجري استنضابها وهذا ما يتحقق إذا ما أعطيت المشروعات العامة الإنتاجية وضعاً خاصاً وهاماً في المنطقة.
No Result
View All Result