“النضيدة” تراث القرى وتجهيز العروس في ريف دير الزور

روناهي/ دير الزور –

في ريف مقاطعة دير الزور، تستمر النساء في الحفاظ على التراث التقليدي “النضيدة”، هذا التراث الذي يعدُّ من أهم عادات تجهيز الفتيات للزواج، فهو أثاث منزلي وموروث ثقافي ومقياس لمهارة المرأة. 

تتمتع النساء في ريف مقاطعة دير الزور بعادات وتقاليد غنية تتعلق بتجميع الفراش، والمعروفة باسم “النضيدة”، تعود هذه العادة إلى الماضي، وقد ورثتها النساء عن أمهاتهن وجداتهن، حيث لا تزال النساء في المنطقة تحافظ على هذا التقليد حتى اليوم؛ ما يعكس تمسكهن بالتراث الثقافي والهوية المحلية.

“ملكة الصالح” إحدى نساء ريف دير الزور، تطرقت إلى أهمية النضيدة في تجهيز الفتيات للزواج، وأشارت إلى “أن النضيدة تُعدُّ من أبرز تجهيزات العروس، حيث تتكون عادةً من خمس (دواشك) من الفُرش، بالإضافة إلى سبعة لحف، ووسائد، وسجاد، وأيضاً بُسط مُنسوجة يدوياً”.

وأوضحت، أنه عند بدء تحضير النضيدة، يتم شراء المواد الأساسية مثل القطن والصوف، ثم تتجمع نساء القرية وأفراد العائلة المقربون للمشاركة في غسل وشد الفراش وتجميع النضيدة: “ويتم تنظيف القطن والصوف وغسلهما على ضفاف نهر الفرات، ثم يجففان تحت أشعة الشمس قبل استخدامها”.

تتباهى المرأة بفراش الصوف، وكبر حجمه فلا تقوم بثنيه أبداً حيث يكون محط أنظار الجميع إذ يحوي الفراش الواحد 25 جزة من الصوف، والجِزَّة هي ما يُقص من صوف الغنم، وتمر الجزة بعدد من المراحل قبل حشوها في الفراش، أو اللحاف.

وتوضع الدواشك، والمفارش إضافةً للوسائد، أو المخاد على دكة ترتفع عن الأرض من 80 ـ 100سم، والتي كانت تبنى فيما مضى من الطوب، أمّا الآن فاستُبدلت بأخرى خشبية على غرار الخزانة لكن أفقية الشكل تسمى المنضاد أو المناضد، أو الدولاب، وهو صندوق خشبي له أبواب تُخزَّن بداخله الملابس بحسب الفصل الذي يمر، ففي الشتاء يتم تخزين الملابس الصيفية فيه، وبالعكس.

كما أكدت، أن النضيدة تُستخدم في مختلف المناسبات، سواءً كانت أفراحاً أو أحزاناً، ولفتت إلى أنه بعد الزلزال الذي ضرب شمال سوريا في إدلب وحلب، سادت أجواء من التضامن مع أهالي المنطقة، حيث قامت النساء في ريف دير الزور بتفكيك النضيدة والتبرع بها، وتم تجميع الفراش في المسجد لمساعدة العائلات المهجرة في الشمال السوري.

واختتمت “ملكة الصالح” حديثها: “إن النساء في ريف دير الزور لا زلن متمسكات بهذا التقليد الذي ورثنه عن أمهاتهنَّ وجداتهنَّ”.