سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

المَشروع الديمُقراطي “القلعة الحصينة” بمواجهةِ دولِ الهيمنة الاستعماريَّة

حسام إسماعيل  –

يُقال في الأمثلة الشعبية “لا تُضربُ بالحجارةِ إلا الشجرةُ المُثمرة” هكذا يُقال ….!، وهذا ما يحصل فعليّاً للتجربة الديمقراطية المُتمثلة بالإدارة الذاتية، التي تَبلورت بعد سنواتٍ عدة من النكبات المُتواصلة للأزمة السورية قبل ظهور المشروع الديمقراطي، وبدأت “الأبواق المأجورة” التي تتطعن بأي مشروع ديمقراطي من الممكن أن يُخرج سوريا إلى برّ الأمان، ويُناهض المخططات والأجندات الخارجية للدول المُحتلة للتراب السوري التي تعمل ليل نهار على بث الفتن بين مكوناته، وتكريس المفهوم الطائفي بين شعوب المنطقة، في ظل التصعيد العسكري الذي تشهده الساحة السورية بالوقت الحالي بالتزامن مع الاتفاقات المُريبة (العلنية والسرية) على حد سواء بين القوى والدول الإقليمية والعالمية كتركيا وإيران وروسيا والولايات المتحدة الأميركية المتواجدة عسكرياً على الأرض السورية، والتي تَعمل على تقويض أي مشروع من شأنهِ عرقلة مصالحها الاستعماريَّة والتوسعيَّة في المنطقة ككل، وخاصة المَشروع التركي والإيراني.
إذا تحدثنا عن المشروع الديمقراطي في مناطق شمال وشرق سوريا الذي تمثله (الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا)، فلا يمكن إجماله بعدة أسطر وكفى، ما حققه هذا المشروع للسوريين القاطنين في جغرافيته هو إنجاز عظيم بمعنى الكلمة على كافة الأصعدة، الخدمية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، إذا ما روعيت كل الظروف المحيطة (السلبية والإيجابية) والأخطار المحدقة التي تستهدف هذا المشروع، وخاصة من قبل تركيا بقيادة أردوغان. نلاحظ بأنَّ الخطر الأردوغاني على المشروع الديمقراطي هو الأكثر تأثيراً وخاصة في هذه الفترة التي تشهد سباقاً محموماً من قبل دول الهيمنة العالمية على مناطق النفوذ، سواء في العراق التي تعاني هشاشة واضحة على مستوى الدولة العراقية المخترقة من كافة النواحي، حيث بدأت دولة الاحتلال التركي بالاستفادة من الوضع الحالي الذي تُعانيه الدولة العراقيَّة لكي تكرس توسعها واحتلالها للمزيد من الأراضي العراقية من خلال زيادة نقاطها العسكريَّة، أو في ليبيا من خلال دعم حكومة السراج الإخوانيَّة، والتهديد بالتوسع العسكري في الأراضي الليبية لتشمل المناطق النفطيَّة للسيطرة على مقدرات الدولة الليبية.
الآن العقبة الحقيقية والكابوس بالنسبة لأردوغان هو مشروع الإدارة الذاتية لأنه يُمثل السد الوحيد والمنيع بوجه التوسع الاحتلالي لتركيا في سوريا، وخاصة بعد العمليَّة العسكريَّة التركيَّة الأخيرة في مناطق شمال وشرق سوريا، إلى جانب التزام الصمت من قبل الدول العربيَّة، وعدم وجود موقف واضح أو موحد إزاء الأطماع التركيَّة على الرغم من خطورتها، والتصريح العلني من قبل أردوغان باستعادة أمجاد “الإمبراطورية العثمانية” المندثرة في العالم العربي.
واستناداً إلى ما سبق من حديث فإنه من الواضح بأن المنطقة برمتها، بما تؤلفه من دول، باتت مهددة بطريقة أو بأخرى في ظل صراع دول “الهيمنة العالمية”، بعد أن بدأت أوراق القوة التي تملكها تُحرق واحدةً تلوَ الأخرى، استناداً إلى الإستراتيجيَّة الضعيفة والمحدودة التي تتبعها على صعيد السياسة الداخليَّة والخارجيَّة، لذلك كان حرياً بالدول العربية دعم مشروع الإدارة الذاتيّة، والاستفادة من نضال شعوب شمال وشرق سوريا بوجهِ المُحتل التركي، والكف عن تصوير هذا المشروع بأنّه مشروعٌ انفصاليٌّ…، أو يخدم أقليَّة…، أو مشروعاً مشبوهاً…، كما تُروج وسائلهم الإعلاميَّة.
الإدارة الذاتيَّة الآن بما تؤلفه من شعوب ومكونات تتواجد في قلب الصراع الإقليمي والعالمي الذي تُعتبر سوريا محوره بالوقت الحالي، لذلك ما يُمثله مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطيَّة هو مشروعُ تصدٍ وممانعة للتدخلات العسكرية، وقلعة حصينة في وجه مُحاولات التمدد والهيمنة الدوليَّة على مقدراتِ الشعوبِ الشرق أوسطيَّة برمتها، لذلك كان واجباً على كافة دولِ المنطقة دعمُ مشروعِ الإدارةِ الذاتيَّة وشعوب المنطقة، والكف عن النفخِ في نفسِ بوقِ الفتنةِ والطائفيَّة التي تخدم دول الهيمنة، التي بدأت تتربص بهذه الدول الواحدة تلو الأخرى لتنفيذ مآربها.