المياه البيضاء أو الساد أو الكاتاراكت: غباش غير مؤلم يُصيب عدسة العين، والتي تكون صافية عند الأصحاء، الأمرُ الذي يعيق مرور الضوء من خارج العين إلى الشبكية – وهي النسيج الحساس للضوء في داخلها.
أنت تستخدم عدستا عينيك كل يوم للقيام بكل شيء، من القراءة إلى مشاهدة التلفاز ومطالعة رسائل جوالك وقيادة سيارتك. مع الأسف تُصاب عدسة العين في الكثير من الأحيان بغباش مع تقدمك بالعمر، بسبب حدوث تجمع للبروتينات فيها، كما يحدث في بياض البيضة عندما تسلقها، فتتجمع بروتينات البياض ليتحول لونه من الشفاف إلى الأبيض.
المياه البيضاء أكثر شيوعاً مما تعتقد، فقد ازدادت نسبة مرضى الماء البيضاء كثيراً في القرن الماضي. فمع التقدم الهائل في الرعاية الصحية، زادت نسبة العجائز في المجتمعات بشكل كبير، وهي الفئة المعرضة للإصابة بالمياه البيضاء بشكل رئيسي.
أسباب المياه البيضاء:
كما ذكرنا آنفاً تحدث المياه البيضاء بسبب تجمع بروتينات عدسة العين. في الأحوال الطبيعية يجتاز الضوء عدسة العين بسلاسة، حيث ينكسر فيها بالقدر المناسب كي يتركز على شبكية العين ليُعطي خيالاً صحيحاً، ثم تنقله الخلايا العصبية في الشبكية إلى الدماغ لترى على أحسن وجه. لكن إذا أصيبت عدسة العين بالغباش بسبب تغير تركيبها واضمحلال بروتيناتها مع دخول سن الشيخوخة. سيصبح خيال الأشياء التي تنعكس على الشبكية مشوشاً، وبالتالي سوف ترى الأشياء غائمة أيضاً. تتسبب أمراض عينية أخرى مثل قصر البصر بأن ترى الأشياء مشوشة، إلا أن المياه البيضاء سوف تعطي بعض الأعراض والعلامات المميزة عن غيرها من الاضطرابات.
أعراض المياه البيضاء:
يوجد أعراض وعلامات منبئة بإصابتك بالمياه البيضاء، فلو لاحظت أي من العلامات والأعراض التالية، راجع طبيب عيونك سريعاً:
1ـ نهار ضبابي: تبدأ المياه البيضاء كاضطراب بسيط في الرؤية، قد لا يترك أي تأثير على قوة إبصارك. فقد تبدو لك الأشياء غائمة قليلاً، وكأنك تنظر عبر زجاج مغبش. يزداد هذا الغباش بمرور الوقت، فتبدأ الكلمات على شاشة الجوال بالظهور عاتمة أو مغبشة أو متداخلة. من الجدير بالملاحظة هنا أن المياه البيضاء لها ثلاثة أنواع فرعية: تحت المحفظة الخلفية، والقشري، والنووي. في المياه البيضاء النووية (التي تصيب نواة العدسة)، قد يحصل تحسن مؤقت في الرؤية عند بداية المرض، وهذه ظاهرة نسميها “الرؤية الثانوية”.
2ـ تأثر الرؤية الليلية: تصبح المياه البيضاء مع تقدم المرض أكثر عتامة، مع ظلال صفراء أو بنية. يبدأ هذا بالتأثير على رؤيتك الليلية، بحيث يجعل من قيامك بالنشاطات المعتادة في المساء مثل تصفح الإنترنت أو قيادة السيارة أمراً صعباً.
3ـ توهج الأضواء الساطعة: التحسس للضوء هو أحد أعراض المياه البيضاء الشائعة، وقد يكون توهج الأنوار الساطعة عرض مؤلم بالنسبة لمرضى الماء البيضاء، لا سيما في نوع المياه البيضاء تحت المحفظة الخلفية. يمكن استغلال التحسس للضوء لتشخيص الماء البيضاء قبل ظهور أعراضها الأخرى.
4ـ هالات في كل مكان: يمكن أن يتسبب غباش العدسة بدخول الضوء إلى العين باتجاهات مختلفة، ما يتسبب بظهور هالة حول منابع الضوء. يمكن أن يجعل ظهور حلقات حول كل ضوء تراه أثناء قيادة السيارة أمراً صعباً جداً عليك. لهذا تشكّل القيادة في الليل في أماكن فيها الكثير من الإضاءات والإشارات الضوئية وعواميد الإنارة فعلاً خطيراً عليك.
5ـ شراء نظارات جديدة مرة أخرى: قد تكون مصاباً بالمياه البيضاء لو اكتشفت أنك بحاجة دوماً لتغيير نظاراتك أو عدساتك اللاصقة بأخرى أكثر قوة، مراراً وتكراراً. مجرد أن تشتري نظارات جديدة من أقرب متجر لن يحل المشكلة، لذلك راجع طبيب العيون ليكشف على عينيك، وليرى إن كان هناك مشكلة ما.
6ـ العيش في عالم أصفر: مع تطور المياه البيضاء، قد يتحول لون التجمعات البروتينية في عدسة عينك إلى اللون الأصفر أو البني. وهذا يجعل الأضواء الداخلة إلى عينك تبدو لك بظل أصفر. وهذا سيجعلك ترى كما لو أنك ترتدي نظارات واقية صفراء. وهو ما يجعل قدرتك على التمييز بين الألوان المختلفة تقل.
7ـ رؤية مضاعفة: قد يجعل انكسار الضوء على التجمعات في عدسة عينك ترى خيالين للشيء الواحد، وهو ما نسميه بالرؤية المضاعفة. عادةً ما تتسبب المياه البيضاء برؤية مضاعفة في عين واحدة فقط.
من يمكن أن يصاب بالمياه البيضاء؟
تحدث المياه البيضاء في المقام الأول عند العجائز، بسبب التغييرات المرافقة للشيخوخة التي تصيب عدسة العين. وتصيب المياه البيضاء نحو نصف من تعدوا سن 65 عام. يصاب حديثو الولادة أحياناً بنوع من المياه البيضاء اسمها المياه البيضاء الخلقية. وتحدث المياه البيضاء في حالات نادرة بسبب مرض يصيب العين أو رض يصيبها.
هل هناك أشياء ترفع خطر الإصابة بالمياه البيضاء؟
هناك أشياء تزيد فرصتك بالإصابة بالمياه البيضاء، لكننا لا نعرف لماذا. ومن تلك الأمور:
• التدخين.
• مرض السكر.
• أدوية الكورتيزون.
• الكحول.
• ضربة على العين.
• التعرض الطويل لأشعة الشمس.
علاج الماء البيضاء:
صحيح أن الجراحة تزيل المياه البيضاء وتشكّل العلاج الحاسم لها، لكننا لا نلجأ للجراحة إلا إذا تسببت المياه البيضاء بانخفاض جودة حياتك.
هناك عدد من الأمور التي يمكنك فعلهاـ والتي تساعدك على تدبر هذه المشكلة في الرؤية. فكثير من المرضى يتدبرون أمورهم جيداً بالاستعانة بالنظارات أو العدسات اللاصقة. حافظ دوماً على أن تكون نظاراتك مناسبة لضعف الرؤية عندك. واحرص كذلك على حسن إضاءة الغرف التي تعيش أو تعمل بها. بهذه الإجراءات سيكون بإمكانك تأخير الجراحة كثيراً.
ـ جراحة المياه البيضاء:
سوق تحتاج لجراحة لإزالة المياه البيضاء إذا لم يكن بإمكانك تصحيح اضطراب الرؤية بالنظارات أو بالعدسات اللاصقة. وتتألف جراحة المياه البيضاء من إزالة عدسة العين الطبيعية المصابة بالغباش واستبدالها بعدسة اصطناعية. نجري العملية دون أن يقيم المريض في المستشفى، حيث يخرج إلى بيته بعد ساعات قليلة، وسيحتاج لوجود أحد معارفه معه ليصحبه إلى بيته. العملية آمنة جداً وفعّالة. نجري الجراحة على دفعتين لأولئك الذين يحتاجون لاستبدال كلا العدستين.
ـ ما هي أنواع جراحة المياه البيضاء؟
نُعرّف النوع الأكثر شيوعاً من عمليات الماء البيضاء باسم استحلاب العدسة (فاكو phaco). يجري الطبيب في هذا النوع شقاً صغيراً في العين، ويفكك العدسة باستخدام أمواج فوق صوتية. ثم يزيل بقايا العدسة ويستبدلها بعدسة اصطناعية. ونطلق على نوع آخر من جراحة المياه البيضاء اسم جراحة الساد خارج المحفظة. تتألف هذه الجراحة من إجراء شق كبير لاستئصال العدسة المغبشة دفعة واحدة.
لن تحتاج بعد الجراحة على الأغلب لارتداء نظارات أو وضع عدسات لاصقة.