سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

المولد النبوي.. هل هو بدعة..؟

 محمد القادري_

كثرت في الآونة الأخيرة الأقاويل على مشروعية قراءة السيرة النبوية، وما يسمى بـ”المولد النبوي” في المناسبات، فمنهم من يقول: إنها بدعة وليست من الدين الإسلامي، ويجادلون ويناقشون في هذا الأمر بشدة، ونريد أن نبين الوجه الشرعي لهذا الموضوع، طبعاً المصدر الأول للتشريع الإسلامي، هو القرآن الكريم، ومن حيث أن الله سبحانه وتعالى قد جعل محطات مميزة في حياة الإنسان، وهي الولادة والموت والبعث؛ لأنها هي التي تحدد مصير الإنسان، وإلى أين يتجه، لذلك وجه سلامه إلى تلك المناسبات في حياة الإنسان، فقال الله تعالى عن النبي عيسى عليه السلام: “وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا “، فنستنتج من ذلك، أن يوم الولادة هو أهم يوم عند أي إنسان، لأنه اليوم الذي يبدأ فيه حياته في هذه الدنيا، ويبدأ بتلقي المعلومات في أسرته، التي تعلم فيها لغته ودينه وإيمانه وأخلاقه وقيمه، فيوم الولادة بداية لوجود الإنسان في هذا الكون، فكيف لا يكون مميزاً، وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يميز يوم ولادته، بأن يصوم يوم الاثنين، ويقول: “ذاك يوم ولدت فيه، وفيه أنزل علي”، ذلك عن الاهتمام بيوم الولادة، أما ما يسمى المولد الشريف، الذي ألفه علماء الأمة الإسلامية، وهناك عده نماذج منه في المجتمعات الإسلامية، نذكر على سبيل المثال “مولد ابن حجر”، الذي يقرأ في مناطقنا بكثرة، و”مولد البرزنجي ومولد المناوي”، وموالد كثيرة لعلماء اجتهدوا في وصف النبي صلى الله عليه وسلم يذكرون فيها ارهاصات ظهور النبي، أي المعجزات قبل ولادته، ثم يذكرون ولادته، ثم ما جرى معه في حياته، ويجتمع الناس في المناسبات، وخاصة يوم 12 من ربيع الأول وشهر المولد النبوي عموماً، وكذلك يقرؤونه في نهاية العزاء، وهناك أيضاً من يقرأه في الأفراح، على كل حال هذا المولد هناك من ألفه من العلماء بشكل صحيح ليس فيه أحاديث موضوعة أو مختلقة، وأيضاً هناك مؤلفات فيها الكثير مما لا يقبله العقل والكلمة، والفصل في هذا الموضوع إن أي مولد يُقرأ في أي مكان من مجتمعاتنا لا يكون فيه مغالطات كبيره ولا اختراق للشرع لا بأس به، ويدخل في باب العرف الاجتماعي المأمور به شرعياً، ويدل على محبة الناس للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وفرحهم بولادته وبعثته، وبما جاء به من الدين والأخلاق، والقيم الإنسانية العالية، وليس كما يقول بعضهم، وهم قلة قليلة: “إن قراءة المولد النبوي بدعة وضلالة، لا يجوز قراءته أبدا”، في حين أنهم يبررون لملوكهم وأمرائهم أن يقيموا الحفلات الصاخبة، ويبذروا ويسرفوا ولا ينكرون عليهم ذلك.