تواجه المرأة اليمنية الانتهاكات المختلفة في المجتمع، وقد زادت هذه الانتهاكات أثناء فترة الحرب، فعندما تقع المرأة ضحية للاعتقال فإنها تهمل من المفاوضين.
اختتمت جولة المفاوضات، التي استضافتها العاصمة العمانية مسقط بشأن تبادل الأسرى بين الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين، يوم السبت المصادف السادس من تموز، حيث تم الاتفاق على أن يتم عقد جولة أخرى خلال شهرين وتبادل قوائم الأسرى والمحتجزين، ولم يتم التطرق لقضية النساء المعتقلات والمختطفات، فهل سيتم إدراجهن ضمن قوائم تبادل الأسرى في الجولة القادمة من المفاوضات المزمع انعقادها؟
عمليات تبادل الأسرى والمعتقلين السابقة لم تشمل النساء، رغم المناشدات المتكررة من الناشطين والحقوقيين، التي لم تؤتِ ثمارها.
وعبرت العديد من الناشطات والصحفيات اليمنيات عن استيائهن جراء التهميش والإقصاء للنساء المعتقلات أثناء المفاوضات السابقة والأخيرة، التي جرت في مسقط عاصمة سلطنة عمان.
وترجع رئيسة شبكة الإعلاميات اليمنيات المستقلات الصحفية والناشطة الحقوقية “بشرى العامري” سبب التغافل عن إدراج النساء في المفاوضات لأسباب عدة منها عدم الخبرة، والهيمنة الذكورية على العملية التفاوضية، حيث ينظر إلى قضايا النساء على أنها قضايا ثانوية أو غير أولوية مقارنة بالقضايا الأخرى، إضافة للتحذيرات الثقافية والمجتمعية، التي تجعل من الصعب على المفاوضين إعطاء أهمية لقضايا النساء، “هناك من يعلل بأن النساء المختطفات هن نساء مدنيات، ويجب الإفراج عنهن دون قيد أو شرط، وأن ذكرهن في قوائم الأسرى ليس بصالحهن، وهذا غير صحيح، وهي أسباب واهية للتهرب من تداول أسماء النساء المختطفات”.
إنقاذ النساء
وترى، أن المفاوضات الأخيرة في مسقط ليس فيها بوادر تؤكد أنها ستشمل قائمة النساء المختطفات، لكن سيبقى الأمل إذا ضغطت الجهات المعنية والمنظمات الدولية للمطالبة بالإفراج عن النساء المعتقلات، “هناك أمل بأن تتضمن المفاوضات الحالية والمستقبلية قضية النساء المعتقلات، ومن واجب منظمات حقوق الإنسان والمنظمات المعنية بقضايا النساء والمجتمع الدولي، الذي يعنى بقضايا المرأة أن يقوموا بتحريك هذا الملف، والضغط على الأطراف من أجل الإفراج عنهن”.
وبينت: “الجميع خذل النساء في أحلك الظروف، التي هن بحاجة اليوم لمساندتهن وإنقاذهن من الوضع المزري والانتهاكات، التي يتعرضن لها في ظل صمت مجتمعي مخزٍ وتقاعس منظمات المجتمع المدني”.
وترى، أنه من الضروري أن يكون هناك إدراك أكبر لأهمية شمول المعتقلين في المشاورات وإطلاق سراحهم بغض النظر عن جنسهم لضمان تحقيق العدالة والمساواة.
ولا توجد أرقام دقيقة حول عدد المعتقلات لدى الطرفين، حيث نفذ الحوثيون حملة اعتقالات واسعة لعاملين وعاملات في منظمات المجتمع المدني قبل شهر من مرحلة المفاوضات؛ ما زاد عدد المعتقلات لديهم.
تهم بالشرف
ويبقى وضع المعتقلات في سجون الحوثيين سيئاً، كما تعاني أسرهن ظروفاً قاسية، وبهذا أوضحت، “النساء المعتقلات يحرمن من حقوقهن الأساسية، مثل حصولهن على محاكمة عادلة ورعاية صحية، وغالباً ما يتعرضن للتعذيب النفسي والجسدي، ويعاملن بطرق تنتهك كرامتهن الإنسانية بالإضافة إلى التهم التي تنسب إليهن، ومعظمها تهم غير أخلاقية تمس بالشرف، وتلحق بهن العيب والعار المجتمعي، أو تهم العمالة والخيانة والارتزاق، والتي قد تصل إلى حكم الإعدام وتتفاقم معاناة المعتقلات إلى حرمانهن من التواصل مع أسرهن، ما يزيد شعورهن بالعزلة والخوف وتهديدهن بإيذاء أسرهن أو ذويهن في حال عدم التعاون مع خاطفيهن، أو تنفيذ أجندات أو الاعتراف بما يريدونه منهن”.
وترى “سماء أحمد” (اسم مستعار) وهي إحدى العاملات في المجال المدني في اليمن: “أن سبب العزوف عن ذكر النساء في المفاوضات لأن أغلب الاتهامات، التي تلصق بالنساء تمس الشرف، وهذا تكتيك لعزل النساء من أي مفاوضات، فيتم معاملة النساء معاملة سيئة في المتعقلات دون الالتفات لمعاناتهن، ومعاناة أسرهن، وتلفيق تهم غير أخلاقية لهن بسبب معارضتهن، وهذه التهم تعزلهن أثناء التفاوض، وتصبح الأولوية للشخصيات العسكرية والسياسية”.
من جهتها تقول الصحفية شيماء رمزي: “هذه المفاوضات تعدُّ من أهم المحطات، التي قد نخرج بعدها من دائرة الحرب إلى دائرة التفاوض للوصول إلى سلام دائم، ومع ذلك نجد النساء معتقلات في السجون، دون أدلة تؤكد على أنهن ارتكبن أي جرم، فالانتماء السياسي والعقائدي والحرية الفكرية ليست ذريعة لاعتقال النساء أو توجيه تهم جسيمة لهن”.
وأوضحت، أن “النساء اللاتي يقبعن في المعتقلات يجب إدراجهن في المفاوضات فهن مواطنات يمنيات لم يتم التطرق إلى قضاياهن في المحافل الدولية التي تتطرق إلى السلام”، متسائلةً، “إلى متى ستظل النساء خارج دوائر السلام والتفاوض؟”.