كابدت المرأة صعوبات عدة لدى خروجها إلى العمل، وبالأخص في المجتمعات الخاضعة للموروثات الاجتماعية؛ والتي لا زالت تقلل من شأن المرأة، وتركز على أن دورها ينحصر في الإنجاب، وإدارة أمور البيت.
وفي مسيرة المرأة العاملة ظهرت معوقات عدة؛ سدّت الطريق أمامها لتعبر نحو السلام الداخلي والأمان الذي طالما بحثت عنه في الحياة؛ لتجد نفسها في سوق العمل كسيدة لها شخصيتها الحية المؤثرة في المجتمع، فقد تعرضت لعدم المساواة من قبل أرباب العمل في كثير من الأحيان، كالتفاوت في تقاضي الأجور بينها وبين الرجل، إضافة إلى النظرة السلبية لعملها خارج المنزل، والاستخفاف الذي تلاقيه من المجتمع الذكوري حول ماهية ونوعية عملها من جهة، والتهميش المفتعل لإنجازاتها على كل أصعدة العمل من جهة أخرى، ومنهنّ من تواجهن مشاكل تتعلق بالاعتداء الجنسي أثناء تأدية أعمالهنّ؛ فترضين به حفاظا على الوظائف التي تشغلهن.
إلا أن المرأة في روج آفا (شمال وشرق سوريا) استطاعت التغلب على عدد من التحديات التي تؤثر على تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، فكسرت حاجز الخوف، ودخلت سوق العمل، وأصبحت ريادية من خلال مشاركتها في الكثير من مجالات الحياة، ولم تسمح لأحد باستغلالها، وأثبتت قدرتها ونجاحها في جميع مجالات العمل، كما وفّقت في تنظيم أوقاتها ما بين الاهتمام بالبيت والعمل خارجه. وهذا إن دل على شيء فهو يدل على الانفتاح الفكري والاجتماعي لديها، والتعبير عن مسؤوليتها في حماية المجتمع، وبنات جنسها.
ومن هذا المنطلق نجد أن حصول النساء على رواتب وأجور في ميدان العمل أسهم في تحسين مستوى معيشة عائلتها، وحدّ نوعاً ما من مستويات الفقر؛ وخاصة في الدول النامية، فضلاً عن أن ذلك عزز شعورها بالثقة، والاعتماد على نفسها، ومنحها قوة مادية ومعنوية.
وفي الآونة الأخيرة ظهرت مبادرات تدعم برامج التدريب المهني والفني والإداري لنساء قررن الخوض في ميدان العمل، ولهذا النوع من البرامج تأثيرات إيجابية في زيادة فرص التوظيف، وارتفاع مستوى الدخل، وانخفاض نسبة البطالة عند النساء، والمساهمة في رفع قدرة المجتمع على تحمّل الصدمات الاقتصادية، عدا عن إبقاء التفكك الاجتماعي في حدوده الدنيا.
بناء على ما سبق، يتطلب من الحكومات سنّ قوانين تشجع المرأة، وتمنح عملها قيمته الحقيقية، وتحمي نشاطها الاجتماعي والاقتصادي؛ وبشكل خاص من التحرّش الجنسي في أماكن العمل، والتمييز على أساس الجنس، بما يكفل لها الاستمرارية والنجاح. فالالتزام بتنفيذ القوانين التي تؤكد على المساواة وعدم التمييز، إضافة إلى توفير حضانات ودور الرعاية للأطفال، هو ضمان زيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، والتأكيد على أن دور الإنجاب والرعاية الذي تمارسه النساء في المنزل هو عمل أيضاً، يجب أن يكون مقدرا من الناحية الاقتصادية والمجتمعية، وكل ذلك في سبيل تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في جميع النواحي الحياتية والوظيفية. وكذلك يجب فرض العقوبات والمراقبة على تطبيق قانون العمل، والتوعية المجتمعية بمساعدة مؤسسات متخصصة.