إن التربية مطلب وضرورة ملحّة في كل المجتمعات؛ أيّاً كانت فكرتهم عن التربية ومبادئها، لما لها من أثر مباشر، أو غير مباشر في الفرد نفسه وفي المجتمع ككل.
مسؤولية تربية الطفل تقع على عاتق الأسرة بالدرجة الأولى، وعلى المدرسة ثانياً، وللأم مكانة أساسية، ودور أكبر من غيرها في الميدان التربوي، يبدأ من مرحلة حملها؛ فالجنين يتأثر بعوامل كثيرة تعود للأم، كالحالة النفسية، والتغذية، والأمراض… إلخ، وهي التي تغرس العادات والمعايير لدى الطفل في مرحلة مبكرة من حياته، والتي من خلالها يحكم على ما يتلقاه من وسطه الاجتماعي فيما بعد، إلى جانب منح الطفل الحنان والرعاية اللذين يلعبان دوراً رئيساً في نفسيته، وتطلعاته في المستقبل.
فنظراً لما تتبوؤه الأم من دور أساسي في تنشئة الطفل وتنمية طاقاته، يترتب عليها أن تعي أهمية تلك المسؤولية في ترسيخ قيم ومبادئ الحياة الاجتماعية، والسلوكيات القويمة بعيداً عن متاهات الانحراف.
ولا تستطيع المرأة أن تؤدي دورها في التربية المنزلية للطفل ما لم تكن معدة لهذا الأمر، وأن تسعى إلى ممارسة مهمتها بشكل يحقق نتائجه التي يأملها المجتمع، ويتأتى ذلك عن طريق دعم حصيلتها العلمية، وتطلعها لزيادة خبرتها التربوية.
ولكي تقوم الأم بمهمتها التربوية على أتمّ وجه تحتاج إلى إدراك ذلك، وإدراك أنها تلعب دوراً كبيراً في حياة أبنائها وفي تربيتهم. ومن هنا ينبغي على الأم التمعّن في أهمية مكانتها ودورها كأمّ.
ومن الأدوار التي يجب أن تمارسها الأم العناية بالنمو الجسدي ورعاية الطفل صحياً، كذلك العناية بالنمو العقلي للطفل الذي ينتج من خلال اكتسابه للغة الأم في المنزل، وتوسيع لمداركه فيما بعد، وكذلك إشباع حاجات الطفل النفسية.
وبالطبع هناك جملة من المصاعب التي تحد دون قيام الأم بدورها بفعالية، بعض تلك المعوقات ذاتية، كقلّة وعي الأم بأهمية دورها التربوي وبالتالي أثر نتائجها في المجتمع، وكذلك انشغالها بأمور أخرى، فإذا نظمت المرأة حياتها، وبذلت جهداً لتستفيد من جزئيات وقتها؛ حينها لن يحدث خللاً بمهمتها في رعايتها لأطفالها واهتمامها بهم، والبعض الآخر هي معوقات خارجية، ومنها اعتماد الأم على مربية كبديلة تمارس دورها في تنشئة الطفل، عجز المؤسسات التعليمية عن القيام بأدوارها في إعداد المرأة الأم.
هذه الأمور وغيرها تؤكد لنا أهمية دور الأم في رعاية وإعداد الطفل، وتربيته تربية عصرية، وتنشئتهم بشكل سليم وتنمية مهاراتهم، وعليه لا بدّ من تعزيز فعالية المرأة من خلال تكثيف ودعم البرامج التربوية في المدارس، وإنشاء مراكز لأبحاث الطفولة تزود الأمهات بالأبحاث والدراسات فيما يخص الطفولة والناشئة، وكيفية تآلفها مع المجتمع بما يحافظ على التربية القويمة، إنشاء مراكز لسلامة الطفولة ودعمها، غايتها بث وعي إعلامي وقائي للأمهات والآباء فيما يخص سلامة أطفالهم من كافة أنواع المخاطر التي قد يتعرضون لها كحالات الغرق والحرق وغيرها.