ملتقى تقافي متنوع شهدته مدينة قامشلو، على مدى ثلاثة أيام متواصلة، حيث كان منبرا للشعر عامة، فقد شارك في المهرجان الثقافي لدورة الشعر ستون شاعراً من أنحاء المناطق كافة، لكن حضور الشاعرات بالمهرجان كان محدودا، فقد طرحت المشاركات أفكارا ولغات شعرية معبرة، في عروضهن وقصائدهن المميزة، المستوحاة من روح الشهيدات، اللواتي كنَّ فكرة القصيدة وروحها.
تحت شعار “الشعر نجمة الأدب” تلاقت الأبيات، وتغنت الأذان طرباً مع الحروف والكلمات المتناغمة، التي أطلقها المشاركون في المهرجان الثقافي الأول – دورة الشعر، بمشاركة 60 شاعراً وشاعرةّ من مقاطعة الجزيرة، وقد استضافت مدينة قامشلو المهرجان الثقافي الأول على مدار ثلاثة أيام متواصلة من 13 أيلول حتى 15 أيلول الجاري في حديقة القراءة، بتنظيم اتحاد المثقفين في مقاطعة الجزيرة.
حضور مُقل للشاعرات
وتضمن المهرجان أربع مسابقات أدبية، وعرض مسرحية إيمائية بالإضافة إلى فقرات غنائية من (الفنان عماد خلف، والفنانة سمية)، كما استضاف المهرجان الشاعرة صالحة الشمالي، والشاعر صالح حيدو.
بالرغم من أن اتحاد المثقفين في مقاطعة الجزيرة قد أعلن في وقت سابق أنه سيقبل النصوص الشعرية لمسابقة الشعر باللغات “العربية، والكردية، والسريانية، والأرمنية” إلا أن برنامج المهرجان تضمن اللغتين العربية والكردية في غياب اللغتين السريانية والأرمنية عن المشاركة.
وكانت المشاركة النسوية في المهرجان قليلة فلم تتجاوز 30% من المشاركين في المهرجان، فقد شاركت 21 شاعرة في المهرجان، 13 شاعرة باللغة الكردية، وتسع شاعرات باللغة العربية، وهي نسبة قليلة إذا ما قورنت بعدد المشاركين في المهرجان، الذي شارك فيه 60 مشاركاً ومشاركة.
ففي اليوم الأول؛ ألقى 19 شاعراً بينهم شاعرتان كرديتان وشاعرة باللغة العربية، ولكن حضور ومشاركة المرأة في اليوم الثاني كان بنسبة أكبر وصلت لـ50% من المشاركة في الأمسيات الشعرية، فقدمت ثماني شاعرات كرديات، وست شاعرات عربيات قصائدهن، وذلك من أصل 29 شاعراً وشاعرةً في اليوم الثاني، وفي اليوم الثالث للمهرجان شاركت أربع شاعرات من أصل 12 مشاركاً في الأمسية الشعرية، وإجمالاً تعد هذه المشاركة بالنسبة للنساء قليلة، فلم يكن لها حضور كبير في صفوف وأروقة المهرجان، وضمن برنامجه على مدار الأيام الثلاثة.
المهرجان فسحة لإخراج المواهب الشعرية
وشاركت شاعرات لأول مرة في مهرجانات ثقافية في هذا المهرجان، فوجدناها فرصة لتنمية مهاراتهن وثقافتهن الفنّية والأدبية، وتميزت القصائد التي قدمنها بمضمونها المستوحى من روح الثورة، فكانت قصائدهن قصصاً ثورية، من سيرة مناضلات وشهيدات قدمن أرواحهن فداء للوطن.
ومن بين هؤلاء الفتيات الشاعرة “نالين نعمو” 22 عاماً من مدينة تل تمر، شابة قامت بإلقاء شعري مميز بصوت يجمع البحة والقوة، وكانت تمارسه منذ الصغر: “في بداية كتاباتي كتبت خواطر شعرية قصيرة، كنت أخرج من خلالها مكنوناتي، ومع قراءة قصائد الشعر الكردية، قررت الكتابة بلغتي الأم، لكنني احتفظت بقصائدي ولم أخرجها للعلن لكن هذا المهرجان كان درب طريق بدايتي نحو الجمهور”.
ونالين كغيرها من الشاعرات اللواتي تأثرن بمحيطهن؛ وهذا ما بدى جلياً في قصيدتها التي ألقتها في المهرجان، والتي تحمل عنوان “ورود الحرية”، وتحدثت فيها عن ثلاث شهيدات نشرن فكر ثورة المرأة خارج الشرق الوسط، وهنّ “ساكينة جانسيز، وليلى شايلمز، وفيدان دوغان”، وكيف كنّ مثالاً يحتذى به من النساء الكرديات.
وعن الرسالة التي أرادت إيصالها قالت نالين: “إن الثورة وانتشارها بفكر النساء كان له أثر خاص في نفسي، فاليوم أجزاء كردستان تلتحم روحياً حتى لو فرقتها الحدود والحواجز، وهذا ما أريد أن أوصله للمتلقي من خلال هؤلاء الشهيدات اللواتي ضحين بأرواحهن من أجل المرأة والوطن”.
وتمنت الشاعرة “نالين نعمو” في ختام حديثها أن تخرج من هذا المهرجان بفائدة كبيرة: “إن المهرجان فسحة لإخراج المواهب الشعرية، ودعمها، ولكنه يجعلنا نلتقي بشعراء موهوبين نستفاد من تجاربهم الشعرية في سبيل تطوير لغتنا الشعرية المعبرة”.
عرض تعبيري صامت
وتميز المهرجان الثقافي الأول – دورة الشعر، بمسرحية إيمائية حاكت قصة شعرية لفتاة تعاني الظلم، وقد قدمتها الشابة “ازدهار جمعة طاهر” 19 عاماً، من سري كانية المحتلة، وقد قدمت من مخيم واشوكاني لتقديم عرضها في برنامج المهرجان.
فمثلت ازدهار قصة امرأة تعاني القمع والعنف في منزلها وعائلتها، محاولة كسر أقفاص العادات والتقاليد، في رقصة دامية فألقت جسدها على الأرض كطائر جريح تلقى طلقات، فهوت على الأرض مكبلة بقيود العجز، وفي ختام مسرحيتها الصامتة رفعت يديها بغضب صامت باحثة عن الحرية بين القيود.
وبينت ازدهار أنه في الكثير من الأحيان تخون الكلمات صاحبها، فتعبر الملامح والحركات عما يجول في داخله: “مثل الشعر الذي يخرج مكنونات الشاعر، وكذلك الحركات تبدي ما تعجز عنه الكلمات”.
وهذا ما أرادت أن تعبر عنه ازدهار خلال مشاركتها في مسرحيتها: “لسنا جميعاً قادرين على التعبير بالطريقة الأدبية فمنا من برع بالمجال الفني أكثر، وهذا ما استطعت أن أوصله بعرضي المسرحي، الذي لم يتجاوز خمس دقائق إلا أنها كانت كافية فقد نقلت الحضور إلى الحياة، التي عاشتها بطلة القصة”.
فيما اختتمت “ازدهار جمعة طاهر“ حديثها: “إن القصائد التي قرأتها المرأة كانت تحمل جمالاً من نوع خاص لامس قلوب المتلقين”.
واختتمت فعاليات مهرجان الثقافة الأول ـ دورة الشعر الذي نظمه اتحاد المثقفين في مقاطعة الجزيرة في يومه الثالث في مدينة قامشلو، بتوزيع الجوائز على الفائزين بالمراكز الثلاثة الأولى.
وحصَلَت الشاعرة ديالا علي على المركزِ الأول، قسمُ الشعر الكردي، والشاعرة فاطمة إيتو بالمركزِ الثاني وآراس قاسم بالمركزِ الثالث، اما قسمُ الشعرِ باللغةِ العربية، الشاعرة فيروز رشك على المركزِ الأول وعبد الرحمن محمد على المركز الثاني وعبد الباري أحمي على المركزِ الثالث.