سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

المرأة المنبجية تنظيم وثبات للمقاومة تجاه العدوان التركي الغاشم

تعتبر المرأة مقياساً لرقي الشعوب، وتمدّنها الحضاري من خلال نظرتها للمرأة، وقدرتها على التعبير عن آراءها بحرية، وإطلاق العنان لأفكارها، والبوح بمشاعرها الجياشة إيماناً من إن تلك الشعوب لا يمكنها الرقي والتقدم دون وجود المرأة. وحقّاً بالنظر إلى الدور الحضاري الذي تلعبه المرأة منذ بداية الخليقة لا يقدر بثمن، امتداداً لنجاحها في شمال وشرق سوريا، وهذا الأمر لم يأتِ بالمصادفة بل عن طريق ثورة روج آفا التي ألهمت للمرأة تحرّرها، والسير بخطى ثابتة نحو بلورة مجدها التليد عبر إثبات مكانتها الحضارية والتاريخية لكافة شعوب المنطقة؛ لإيصال رسالتها للعالم أجمع. لمعرفة كيف أنجزت المرأة المنبجية لنفسها مكاناً في مجتمعها المعقّد من خلال التنظيم؟، وكيف أبدت مقاومتها للتصدي للغة التهديدات التركية نحو المرأة؟، وما أوجه القوة التي تمتلكها للتغلب على الصعاب؟
 وللحديث عن هذا الموضوع، أعدت صحيفتنا استطلاعاً للرأي مع عدد من النساء في منبج. وفي حديثها عن تجارب بعض الناس في أسلوب حياتهم الخاص ممن امتهنوا الفشل، وعدم محاولتهم تطوير أنفسهم، بل كان كلّ دأبهم ضرب نجاحات الآخرين، قالت فاطمة الشرق: “من الغرابة أن نجد في حياتنا اليوميّة بعض الناس ممن تقتلهم نجاحات الآخرين، ممّن هم أعداء لسبل الرقي عند البعض، كما هو الحال في شخص أردوغان؟
يخشى من هزة تُقوّض سلطانه
فهو لا ينفكّ في كلّ مرّة، يخرج فيها للإعلام مردّداً بعض تصريحاته الاستفزازيّة في محاولة منه إجهاض المشروع الدّيمقراطيّ، وإنّما هو إنسان مهزوز من الدّاخل، ضعيف في شخصيته الخارجيّة لأنّه يخشى الحقّ. بينما الشّخص الواثق من نفسه لا يخشى من العواقب والنتائج المترتّبة على أيّاً من أقواله وأفعاله، لأنّه في المحصّلة لديه مقوّمات النّجاح ممّا يجعله محصّناً من أيّة براثن، وخروقات قد تهدّد كيانه، وزلزال يضرب بنيانه. تلك حال أردوغان مع خصومه لأنّه يشعر في لحظة من اللحظات أنّها قد تنقلب عليه خاصة بعدما فشل انقلاب 2016 فأضحى لا يثق بأحد فهو يخشى من أي هزة قادمة تقوّض سلطانه بما فيها المشروع الديمقراطيّ، فهو لديه من المؤكد من ينقل له أخبار نجاحاتنا باستمرار في كافّة مناطق الشّمال السّوري. خوفاً من انتقال تلك العدوى إلى بلاده، فتثير زوبعة من نجاحاتها، فيلقى مصرعه فيها، فلذا نفسه لا تهدأ بشأنها أبداً، مثلما ضربت خروج السّترات الصّفراء فرنسا من حيث لم تعلم فرنسا أو تدري. لذا فهو حريص أن يعرقل مسيرة التّطوير والبناء التي تشهدها المنطقة في شمال سوريا برمّتها، ولعلّ أبرز نجاحاتها الاعتماد على الثّورة الذّهنيّة الجديدة، القائمة على الليبرالية الاجتماعية إذ شهدت مضامين فكرية جديدة لأوّل مرة تطرح على مستوى الشّرق الأوسط، مقدّماً الحلول المناسبة لأبرز مشاكله بشكل عام”.
أردوغان جاهل بقراءة التاريخ جيداً
وأضافت فاطمة أنّ سياسة أردوغان الطّائشة، تعبّر عن فقدانه لقراءة تاريخ المنطقة بشكل جيد قائلة: “من الغرابة أن يخرج أردوغان على الملأ مؤخّراً ويقول أنه سيجعل من هذه الأرض مقبرة للكرد، فهل يعقل أن يتفوّه سياسي بهذا الكلام؟ وهو يعلم بالمطلق أنّ الأكراد جزء من هذا النّسيج الجميل في دولته؛ كما هو الحال في سوريا. أردوغان جاهل بقراءة التاريخ، وهذا إنّ دلّ فإنما يدل على سذاجة في قراءة التّاريخ منعزلاً عن واقعه حتى لا يدرك تفاصيل الأمور، وجزئياتها البسيطة. وهذه وقاحة سياسية بامتياز بجهله لثقافات شعوب هذه المنطقة، فمهما تمرّ بأحداث جسام على كافة الشعوب؛ لثنيها عن متابعة طريق الإعمار والتّجدد إلا إنّها مازالت تستمرّ رغم أنف المعتدين؛ إدراكاً منها أنّ الأرض هي عبارة من اختلاط هشيمها بأجساد شعبها، فهي تحمل خيرة أهل سوريا، وسُقيت، ورويت بماء الفرات فلا غضاضة أن ترى شعبها؛ ينتفض ضدّ تصريحات أردوغان لأنّه شعر لوهلة، أنّه هدّد بذاته باعتبارها كما قلنا إنّ الأرض تمثّل هشيم الإنسان، وكرامته، وهويته”.
نماذج من استغلال المرأة
أما بالنسبة لسوزان حسين؛ فترى أن المرأة في منبج، كغيرها من نساء سوريا، عانين من جرّاء الحرب السّورية، وتمّ الاستفادة من تواجدها بالرغم إنّ كافة القوانين والأعراف الدّوليّة، نصّت على اعتبار ذلك مخالف للقوانين الدولية بالقول: “إنّ زجّ المرأة في الصّراعات، يعدّ جريمة حرب، يعاقب عليها القانون الدّولي بانتهاكه ميثاق حقوق الإنسان لكن المتابع للحدث السياسي على الأرض، يعلم أنّها عبارة عن حبر على الورق، فلم يلتزم بها أيّاً من أطراف الصراع في سوريا بل أضحت المرأة عند البعض وقوداً للحرب نفسها سواء يشكل مباشر أو غير مباشر. فمثلاً تاجر الجيش الحر بأوّل عهده بالمرأة مستغلاً حالة النّزوح من بعض المواطنين من منطقة لأخرى، ممّا اضطر البعض للسكن بالعرّاء لعدم قدرته على تحمّل أعباء الحياة الصعبة حفاظاً منهم على أرواح أبنائهم، فاستغلّ البعض من ذوي النفوس الضعيفة ذلك واعتبروه فرصة، ليطلبوا من النساء قضاء حاجاتهن المعيشيّة ليعرضوا عليهنّ تقديم المعونة الغذائية مقابل تقديم أفعالاً غير أخلاقيّة”.
وتابعت سوزان القول:” تنافي تلك الأفعال أخلاق السوريين على الرغم من أنّهم، قد أوهموا العالم أنما خروجهم على الحكومة السورية نصرة للفقراء والمعدومين، وبقصد تحرير الشعب من الظلم، لكن الحقائق أثبتت غير ذلك. وهذا ما أثبته موقع ويكيليكس بشهادة الكثير من النساء، أنّهن تعرضن للابتزاز من قِبل من أفراد الجيش الحر، الذين يعملون الآن تحت إمرة أردوغان. أما بالنسبة لداعش فقد حكم المنطقة بقبضة حديدية، فصيّر روح الابتكار الذّي عند المرأة؛ لكتلة سوداء جرّاء الفكر الظلامي، وهذا ما يناقض الهالة القدسيّة التي تختزنها شخصية المرأة بوصفها الآلهة الربّة عند شعوب هذه المنطقة. بل بات لديهم سوق للنخاسة، كما حدث في مناطق باشور كردستان بالشعب الإيزيدي حين عانين نساءه بشكل خاصّ، أو باتت المرأة عبدة في بيتها مجردة من عواطفها فلا إحساس ولا أهواء”.
إطلاق العنان لشخصيتها بدلاً من الركون خلف الجدران
وعن بدء المرأة ببناء نفسها تنظيمياً، وإدارة نفسها بذاتها، تحدّثت إسراء الجمعة قائلة:” ولكن بعد تحرير المدينة من رجس الإرهاب من قبل قوات مجلس منبج العسكري، وقوات حماية المرأة اللواتي شكلن ظاهرة لا وجود لها بالعالم من حيث قتالهن ضد تنظيم الدولة الذي يعدّ أعتى قوّة إرهابية بشكل فعّال، فكان انتصارهنّ بقدرتهنّ على إثبات مقاومتهنّ، وصمودهنّ، ودحض الافتراءات الملفّقة حول بسالتهن في القتال، وتحقيق مكاسب وإنجازات من النصر، خاصة بعد قيامهنّ في المساهمة بثورة روج آفا. ولعلّ الشيء البارز خلال فترة التحرير؛ قيام الكثير من النساء بتنظيم أنفسهن بعد أن جمع فيما بينهن الشتات؛ دون قدرتهن على إيجاد نقطة واحدة تجمعهنّ. لكن تصميمهنّ على عدم الاتجار بقضاياهن من قبل الجميع. ودخولهنّ معترك العمل في اللجان، والمؤسسات، ومجالس الخطوط؛ نقطة تحوّل في مسيرتهنّ النضالية، فنلن من مزاحمتهن فرصاً ذهبية مقارنة بما يزدهيه الرجال من احتكار للمناصب. فهي خطوة لتجاوز ما مرّ عليها من ظلم وهوان بحقّها، وتحقيق مكاسب عالية، فضلاً عن تطوير فكرهنّ إزاء الأزمات الراهنة، وتجاوزها، ووضع الحلول المناسبة عبر ممارستهنّ طرق الحوار لكافة المشاكل العالقة، وإيصال رسالتهنّ بالطرق الحوارية، ومناهضة جميع الأشياء التي تمسّ قداستها بحيث بمكن اعتباره خروجاً على النصّ السائد عند البعض، وإنّما أضحى بمقدور المرأة تطوير أداءها المهاري بشكل أفضل بحيث تمّ تأهيل كوادر؛ قادرة على إعداد الدورات التدريبيّة، وتلقّي الدروس في كيفيّة إطلاق العنان لشخصيتها بدلاً من الركون خلف الجدران تحت رحمة نفقة الرجل. بل صارت المرأة مؤثرة في غيرها من النساء؛ الباحثات عن موضع قدم في بلورة جديدة قوامها المساواة والعدالة في الأسرة والمجتمع، فبلغت البيوت التي تمّ زيارتها من قبل أعضاء مجلس المرأة، ومركز الجنولوجيا، تتخطّى عتبة 10000 بيت على مستوى الريف والمدينة من خلال حثّ النّساء؛ للانخراط في الحياة الدّيمقراطيّة الجديدة، والمساهمة في بناء الوطن”.
انتصار إرادة الشعوب على لغة العدوان من المسلّمات الكونية
وواصلت الجمعة الحديث عن نقاط القوة في شخصية المرأة للتغلب على المواقف الصعبة قائلة: ”استطاعت المرأة تقديم نماذجاً من تطورها الفكري على مستوى التنظيم والمقاومة فيما تواجه المرأة من عوائق قد تؤدي للهلاك رغبة منها في إثبات قابليتها على تدريب ذاتها بالشكل الذي يناسب الظروف الراهنة المارة بها. وتصيير الموقف السلبي إلى موقف إيجابي بحيث يمكنها أن تكون صانعة للقرار بالأخصّ فيما يتعلق بقضاياها العادلة. كما فعلت مؤخراً ليلى كوفن حين أقامت إضراباً مفتوحاً تضامناً مع القائد آبو الذي وضع في زنزانة فردية دون وجه حق على الإطلاق. فما كان من بعض الدول إلا أن تعاطفت مع قضيتها، فسمح لشقيق القائد أوجلان بزيارته في المنفى، وهذا يمثل انتصاراً لإرادة الشعوب على لغة التهديدات باعتباره من المسلمات الكونية”.