No Result
View All Result
المشاهدات 0
أزهر أحمد –
الثورة فعل رافض لظلم باق في التاريخ، واقع محسوس يجري أمامنا لا يجوز الحياد في الموقف، مرتبط بعمل متمرد على واقع مفروض تعود عليه المجتمع.
رغم تجانس أزماتها وصعوباتها إلا أن القيود في الثورة تنكسر، وتذوب الذات في الموضوع ويكون هناك نكران للذات، ومخاض لولادة جديدة لمجموعات مندفعة بإرادة قوية نحو هدف مفعم بالأمل لانتزاع الحرية من قصور الأباطرة.
ولعل واقع المثقف في الشرق الأوسط عامة وفي شمال وشرق سورية بخاصة كان لاستمرارية البقاء متقوقعاً على ذاته، أسير أيديولوجيات مؤسسات دينية أو حزبية كلاسيكية تتباهى بالشعارات، ولا تترك أثراً في المجتمع.
وبقي سلوك المثقف مرتبط بمرضاة الطبقات القوية الحاكمة؛ أسير المادة أو المنصب، رغم أن البعض حاول ويحاول ببعض الكلمات أو الجمل إيهام المجتمع بأنه الحريص على مصالحه، متستراً خلف بعض الجمل والشعارات الجوفاء.
ويحاول إقناع المجتمع بأنه المثقف الغيور على إظهار الحقيقة تحت قاعدة كلاسيكية دينية، لا يستطيع قول جملة مخالفة لتعليمات السلاطين والحكام، يرى ويعيش الحقائق ولكن لا يستطيع البوح بها ولا يكلف نفسه عناء تسخير إمكاناته في تحمل عبئ إظهار حقيقة الثورة، ومشاعر البسطاء، ودموع المظلومين، ودماء الجرحى، وتضحيات الأبطال، وضياع الأطفال، وإلى جانبه وأمام ناظريه حقيقة متجسدة، وقد تحاول بعض خلاياه المتمردة التواقة للحقيقة التمرد على صمته، إلا إنها تبقى خجولة، تكتفي بنقل المأساة على إنها مادة إعلامية صحفية، ويبقى مقتصراً على نقل الحدث دون إبداء أي رأي ومشاعر تجاه الحدث، ويضغط على وجدانه ليبقى نائماً أخرساً أصماً.
وبعد زوال المصاعب والأزمات تراه يتباكى على القضية، ويبدأ يحلل ويصرح ويفند ويمدح في نفاق صارخ، وهنا يصبح المثقف منافقاً انتهازياً، يطول زمن التنظير دون العمل والتصفيق دون فهم معاني الكلمات، وهنا تبدأ الأمراض تنتشر في الجسد الحر.
فالمثقف الثوري والحقيقي من يقَّيم كل حدث بمعيار الوجدان والكرامة، والحرية والحقوق، ويضع نصب عينيه قضبان السجن، وأساليب العذاب، التي كان يعذب بها البسطاء، فهو منهم ولابد أن يحمل همومهم ويحلم أحلامهم . وغالباً ما يتعرض للحرب الخاصة من قبل السلاطين والأمراء والحكام والمتسلقين، وما أكثر الذين نجحوا في إسكات أصوات المثقفين الثوريين، ولكن إلى حين فقط، فصوت الحق والكلمة الصادقة الجريئة والحرة لا تُحبس أبداً ولا تشترى بمال.
المثقف الثوري يُتهم بالتنظير والعنصرية وقلب نظام الحكم والتمرد وإضعاف الشعور القومي في الدولة التي يعيش فيها، فقط للنيل منه، أمام تلك الصعوبات إذا كانت الإرادة ضعيفة ولم يذب الذات بالموضوع تكبر طوابير المثقفين –الحياديين- أو كما يطلقون على أنفسهم “المحافظين” الذين يكتفون بالسكوت ورغم إن ضمائرهم من الداخل تغلي ولكن الخوف والمال والسلطة ألزمتهم بكبت الحقائق في داخلهم.
حقيقة المثقف الثوري الذي يُخلد، هو الملتزم بهموم شعبه ومجتمعه وقضاياه، يعيش ما يعيشه المظلومين، ويشعر بما يشعر به البسطاء، ويفتخر بجذوره ولا ينكر حقيقته، ورغم المصاعب يعبِّر عن آماله وآلامه، وآهات المعذبين وآمال الأحرار، فيذوب بالثورة ويشعر بأنه جزء من المجتمع والمجتمع جزء منه، ويتحرك بروح وإرادة وقوة الثورة، صلب الإرادة، عزيز النفس، حر الموقف.
No Result
View All Result