قامشلو/ علي خضير – نظَّم الشعب نفسه في مجال التدريب والدفاع منذ بداية ثورة التاسع عشر من تموز، بدءاً من دور الشعب فالكومينات والمجالس وصولاً لتشكيل نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا؛ بهدف سد الثغرات في مجال تنظيم المجتمع وتقديم الخدمات في الكومينات التي تمثّل شكلاً واسعاً من التنظيم الذاتي، وانضمَّ إليها الشعب بروح الشعب الثورية التوَّاق للحرية.
عدَّ القائد عبد الله أوجلان تأسيس المجتمع وتنظيمه يعتمد على الكومين، بكلمات خالدة قال فيها: “لا فرادانية لمن لا كومون له”، وتعني كلمة (فرادانية) تنظيم الفرد نفسه بنفسه، ويعد الكومين الإدارة المصغرة عن الإدارة الذاتية والركيزة الأساسية لبنائها، ليكون الخلية الأصغر المسؤولة عن تقديم أسهل وأسرع الطرق لخدمة الشعب، وتنظيم حياتهم الاجتماعية في الحي أو القرية.
الكومين الأوَّل في قامشلو
ومن هذا المنطلق اعتمد أهالي شمال وشرق سوريا نظام الكومين بعد ثورة التاسع عشر من تموز، لتنظيم الأحياء والتجمعات لترسيخ الديمقراطية بين المجتمع، بغية اعتماد الشعب على إدارة نفسه بشكل ديمقراطي، حتى وصل اليوم إلى مبتغاه ببناء مجتمع يتبنى الفكر الديمقراطي الحر في إقليم شمال وشرق سوريا.
وتزامناً مع ذكرى ثورة 19 تموز أردنا إلقاء الضوء على ما حققته الكومينات في مدينة قامشلو، بحكم أن الكومين أول نسيج شكل تركيبة الإدارة الذاتية بعد الثورة، فالتقينا الرئيس المشترك لأوَّل كومين أُنشِئ بعد الثورة، كومين الشهيد (لهنك) الذي أُسس عام 2012، وقال الرئيس المشترك للكومين “عمر يوسف” في مستهل حديثه: “أُسِّسَ الكومين بعد ثورة 19تموز عام 2012 بفضل من ضحوا بأرواحهم الطاهرة من شهدائنا، وبمقاومتهم العظيمة، التي حررت مساحات واسعة في روج آفا، التي تنعم فيها الشعوب بالأمان التام، وهذه الذكرى التاريخية يجب أن تُكتَب على جبين كل إنسان صاحب ضمير، وفكر ديمقراطي حر”.
وأشار إلى أنَّ كومين الشهيد لهنك كان يضم بدايةً عدداً قليلاً من الأعضاء، الذين تطوعوا للعمل به من أجل خدمة الأهالي في قامشلو دون مقابل، وكان دوره بارزاً أيضاً في نشر الوعي عن مفهوم الكومين، من خلال الاقتداء بفكر القائد عبد الله أوجلان، الذي أنار بصيرة الشعوب في تأسيس أنفسهم بالاعتماد على الذات.
وأضاف يوسف: “وبعد ذلك أُسِّست الإدارات والبلديات للإدارة الذاتية الديمقراطية، وتمَّ تطوير عمل الكومين بتشكيل عدة لجان مختصة بمجالات معينة تخدم الأهالي وتلبي طلباتهم في المجالات كافة، علماً أنَّ الكومين ليس له علاقة بأي جهة سياسية، ويتمثل دوره بتقديم الخدمات للأهالي، دون تفريق بين أي شعب من الشعوب”.
ومن جانبه بارك الرئيس المشترك لكومين الشهيد مصطفى “شفان حسين” بدايةً للجميع ذكرى ثورة 19 تموز، وحيَّا عوائل الشهداء، وأبطال المقاومة الذين يدافعون الآن عن أرض وشعوب شمال وشرق سوريا، وبيَّن أنَّ ثورة 19 تموز دعت الشعوب لتتمسك ببعضها، وحافظت على المجتمع من التهديدات: “بالرغم من المؤامرات، التي أٌحيكَت ضد شعوب شمال وشرق سوريا، من مرتزقة جبهة النصرة وداعش، ودولة الاحتلال التركي، التي كانت تهدف إلى كسر إرادة الشعوب في المنطقة، فتمَّ تأسيس مؤسسات ومراكز عسكرية ومؤسسات مدنية عقب تأسيس الكومينات، وحافظت تلك القوى على أمن المنطقة”.
كما بين، أنَّه عقب تأسيس كومين الشهيد مصطفى في حي الهلالية، تمَّ تشكيل عدة لجان تابعة له، دورها تأمين احتياجات الأهالي في الحي من النواحي كافة.
اللجان العشر التابعة للكومين وواجباتها
وفي الحديث عن اللجان التي يضمها الكومين، وواجباتها في خدمة الأهالي، أوضح حسين أنَّه تمَّ تأسيس عشر لجان ضمن الكومين لاحقاً، تعمل معاً في إطار واحد، لأجل خدمة الأهالي وتلبية متطلباتهم والاستجابة لشكاويهم، وهي: “لجنة الصلح، ومهمتها الإصلاح بين أفراد المجتمع في حل الخلافات والنزاعات إن حصلت، ولجنة الحماية، تؤمن بدورها حياة الأفراد وتحمي حقوقهم وتطلعاتهم، ولجنة التدريب، ومهمتها تعريف الأهالي بالنظام الداخلي للكومين ومهامه، ومؤسسات الإدارة الذاتية، واللجنة الخدمية، والمرتبطة بالبلدية ومؤسسات الإدارة الذاتية، وتعدُّ هي المسؤولة عن تأمين خدمات المواطنين”.
وتابع: “بالإضافة للجنة المرأة، والتي تنظِّم دور المرأة من خلال هذه اللجنة ضمن جغرافية الكومين التابعة له، كما تقوم بدراسة الشكاوى التي تخص المرأة، ولجنة الاقتصاد، ولجنة الصحة، ولها دور في الكشف عن الأمراض المزمنة، التي يتعرض لها الأهالي القاطنون ضمن جغرافية الكومين أيضاً، حيث تكون هذه اللجنة وسيطاً بين الهلال الأحمر الكردي والمشافي، ليتم الإبلاغ عن وجود أي أمراض يتعرض لها أهالي الحي لتتم معالجتها والحفاظ على صحة آمنة للمواطنين، بالإضافة لتأمين احتياجات الأشخاص المعاقين، ونشر حملات توعوية صحية للأهالي”.
وأضاف: “وأيضا هناك لجنة الشبيبة، ولها دور كبير من حيث توعية الشباب للانتساب إلى مؤسسات الإدارة الذاتية، والقيام بواجباتهم المطلوبة، ولجنة عوائل الشهداء والشؤون الاجتماعية، المختصة بعوائل الشهداء ومعالجة مشاكلهم بشكل خاص، ولجنة الحماية، ومهمتها حماية المنطقة التي تقع ضمن جغرافية الكومين، وإبلاغ الجهات المسؤولة في حال تعرَّض الحي للاعتداء، ولجنة النظافة، وواجبها تأمين حي نظيف للأهالي، بالإضافة لإجراء حملات توعوية للأهالي تخص نظافة الحي”.
المعوِّقات
وعمَّا يجدونه من صعوبات في سير عمل الكومينات أكد حسين: “مجتمعنا بحاجة لكثير من الحاجات الضرورية، التي نتعرض بشكل متواصل للسؤال عنها من الأهالي، ونجد صعوبة بتأمينها مثل (الكهرباء، الماء، الغاز، المازوت)، ولكننا نعلم والجميع يعلم بأنَّ دولة الاحتلال التركي وراء نقص هذه الحاجات الأساسية، لذلك نتمنى من الأهالي مراعاة ظروف المنطقة، وعلى أمل أن يتم تأمين هذه النواقص في الأيام المقبلة”.
الدور الفعَّال للمرأة في الكومين
ومن جهتها؛ أشارت الرئيسة المشتركة لكومين الشهيد مصطفى “بهار خليل“، إلى أنَّ المرأة هي زهرة ربيع ثورة 19 تموز، وحققت ملاحم بطولية أثبتت فيها للعالم أجمع قوتها وإرادتها الحرة.
وعن دور المرأة في الكومين بيَّنت بهار، أنَّ المرأة تقوم بواجبها على أكمل وجه لتوعية النساء اللواتي عانَين الاضطهاد قديماً: “للمرأة دور كبير في التوعية بعد ثورتها في روج آفا، والآن ضمن الكومين هي مستمرة بنشر الفكر الحر المُقتبس من فكر الفيلسوف عبد الله أوجلان، وذلك عن طريق الدورات التدريبية، وزيارات النساء في البيوت، ولتخليصها من ذهنية السلطة الذكورية، التي كانت عبئاً ثقيلاً على عاتقها، لتتمكن في النهاية من إثبات نفسها وجبروتها في قيادة المجتمع، وأنَّ لها الحق في ممارسة دورها في المجتمع، مثل حق الرجل”.
كما أكَّدت، على أنه تمَّ تخصيص لجنة للمرأة في الكومين، مهمتها تثقيف المرأة وتوعيتها من خلال الدورات التثقيفية المستمرة، لضمان حقوقها وتطلعاتها لجعلها ذات دور بارز في البيت والمجتمع، ووأد العهد الذي كانت عليه سابقاً، والمتمثل بسلطة الرجل عليها.
واختتمت الرئيسة المشتركة لكومين الشهيد مصطفى “بهار خليل”، حديثها: “نحن في الكومين إرادتنا قوية بصمود قائدنا عبد الله أوجلان، وشهداؤنا الأبرار، وقواتنا العسكرية الموجودة على الأرض، والتي تحمينا وتحمي أرضنا من التهديدات، رغم الصعوبات، التي نمر بها وتعترض طريقنا إلى الحرية، من بينها استبداد الدولة التركية، ولكن بتمسكنا بنهج قائدنا عبد الله أوجلان، وتكاتفنا ضد التهديدات المختلفة نضمن النصر في نهاية المطاف”.