ظهر خلال العصر الحجري القديم الاوسط (100.000 – 40.000 سنة) في أسيا وأوروبا ما يعرف بإنسان النياندرتال, وقد ترافق ظهوره مع ظهور ثقافة سميت “بالثقافة الموستيرية”, والتي تعرف من خلال الأدوات الحجرية التي استخدمها إنسان ذلك العصر كالمكاشط والسكاكين والقاطعات والمثاقب.
قضى الإنسان في تلك الفترة معظم حياته في الكهوف وهو يعتمد في معيشته على الصيد والتقاط الثمار البرية, ولعل أشهر مواقعه في كردستان هما:
1- كهف دودريه, الواقع في منطقة جبل ليلون, بالقرب من برج عبدالو على الضفة اليسرى لوادي دودريه. يبعد الموقع عن عفرين حوالي 15كم جنوبا, وعن حلب حوالي 60 كم.
يعتبر دودريه أحد أكبر الكهوف في سوريا إذ يتراوح طوله بين (50-60) م, ويصل أقصى عرض له إلى 40م, فيما يبلغ أعلى ارتفاع له حوالي 10م, ويرتفع الكهف عن سطح البحر بحدود 450م.
للكهف فتحتان, فتحة رئيسية بعرض 15م وارتفاع 8 م في الشمال باتجاه الوادي الذي يطل عليه, وفتحة ثانوية طبيعية يقع في الجهة الجنوبية من الكهف ومفتوح باتجاه السماء وبأبعاد 5×10م.
اكتشف الموقع في عام 1987خلال المسوحات الأثرية اليابانية – السورية، لكن بدايات التنقيب في الموقع كانت في عام 1992م، من قبل نفس البعثات.
في عام 1993م عثر على هيكل عظمي لطفل يبلغ من العمر سنتين مدفون داخل حفرة, حيث عد أول هيكل عظمي كامل من نوعه لإنسان النياندرتال في سوريا.
كما عثر في عام 1997- 1998 على هيكل عظمي لطفل آخر مستلقي على ظهره بذراعين ممدودتين وأرجل مثنية, كان يوجد بالقرب من رأسه بلاطة مستطيلة من الحجر الكلسي وبجانبه مجموعة من القطع الصغيرة المصنوعة من حجر الصوان تعود للثقافة الموستيرية.
الجدير بالذكر أن كردستان تضم المئات من الكهوف الأثرية العائدة للعصور الحجرية القديمة /القديم والوسيط/ والتي انتشرت في مناطق زاغروس وطوروس, وانبثقت منها ثقافات مميزة كالزرزية والبرادوستية وبرزت بعضها كأشهر الكهوف على مستوى الشرق والعالم.
2- كهف شانيدار shanidar الواقع في السفوح الجنوبية من جبال زاغروس, جنوب جبال برادوست, بالقرب من هولير/ أربيل.
يعد شانيدار من أشهر الكهوف في الشرق الأدنى والعالم وقد نقب فيه بعثة امريكية بإدارة رالف سوليكي منذ عام 1951. يقع الكهف على ارتفاع 765 م عن سطح البحر تقدر مساحته الاجمالية بنحو1000 م 2, ويضم 14 سوية اثرية اقدمها يعود للفترة الموستيرية.
عثر بداخله على مجموعة من الأدوات الحجرية وبعض العظام والرماد, وكذلك هياكل عظمية لأنسان النياندرتال (7 بالغين وطفلين) يتراوح تاريخهم (70-46) ألف سنة, دفن أحدهم بمراسم نظامية, حيث وجد مكللا بإكليل من الورد من نوع البابونج والزنبق والسوسن, ليسجل كأحد أقدم مراسم الدفن في العالم.