No Result
View All Result
المشاهدات 0
محسن عوض الله ـ موقع قوات سوريا الديمقراطية –
يزخر الشرق الأوسط بصراعات وأحداث تجعل منه ساحة كبرى للصراعات الدولية، وملعب كبير تتبارى فيه أجهزة المخابرات العالمية، ولا تخلو نقطة في الشرق الأوسط من أزمات وصراعات، فحيثما وضعت يديك على أي نقطة بالمنطقة وجدت دماء وأشلاء يكفي للتعبير بها عن حال الشرق الأوسط، أن نذكر دولاً مثل سوريا وليبيا واليمن التي لم ينقطع فيها إسالة الدماء على مدار سبع سنوات متواصلة، أو دولاً مثل العراق وإيران أو تركيا التي تتأرجح ما بين الاستقرار والفوضى، وحتى دول الخليج لم تمنعه رفاهية شعوبه من السقوط في بئر الخلافات الداخلية وتصفية المعارضين بين الحين والآخر.
ففي هذا الملعب الكبير، تشتعل حروب ومعارك في أي لحظة، فتظهر قوى، وتخبو أخرى، تتغير موازين، وتتبدل تحالفات، تسقط دول وأنظمة، وتعلو أحزاب وجماعات، ملعب لا يعرف سوى لغة المصالح، الحكم فيه ليس محايداً، والمتنافسين فيه ذوي توجهات وأيدولوجيات مختلفة، الكل يتصارع من أجل الفوز بثقة ذلك الحكم الذي بدوره يبحث عن مصالحه مع أحد المتصارعين.
ومن الملعب الكبير بالشرق الأوسط نذهب لأحد الملاعب الفرعية، حيث الساحة السورية التي تمتلئ باللاعبين الدوليين والإقليميين والمحليين، في الملعب السوري المحموم تتصارع أمريكا مع روسيا على المركز الأول في النفوذ والمصالح، وغالباً سينتهي الصراع بلا فائز، أو بالأدق بلا مهزوم من الطرفين، وسيتم اقتسام الكعكة بالمناصفة بين الفريقين باعتبار كلاهما يدرك قوة الآخر ويحتاج له، نصيب الأطراف الأخرى في سوريا ستحددها واشنطن وموسكو باعتبارهما من يحمل سكينة التوزيع، وهو ما يجعل من تركيا وإيران بانتظار نتائج التوافق الروسي ـ الأمريكي حول الوضع النهائي للمطالبة بشيء من الكعكة السورية. الطريق إلى منصة التتويج بسوريا، يجعل من واشنطن وهي الطرف الأقوى بالمعادلة تبحث عن طرف قوي ليمثلها بالداخل السوري، وهو ما جعل الأخيرة تغير تحالفاتها خلال عهد أوباما حيث كانت تدعم الجيش الحر الذي اخترقته التيارات والجماعات التكفيرية، لتنقل واشنطن قبلتها تجاه القوى الكردية وقوات سوريا الديمقراطية التي أصبحت ثاني أكبر قوة عسكرية على الأرض السورية، فضلاً عن امتلاكها مشروعاً سياسياً لمرحلة ما بعد الحرب بصورة تجعلها حليف مثالي ليس لأمريكا فحسب، بل للمجتمع الدولي ولكل القوى العالمية الباحثة عن حل للأزمة السورية.
ولهذا لم استغرب لكلمات الإطراء التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن المقاتلين الكرد بالأمم المتحدة وحديثه عن كونهم شركاء وحلفاء لواشنطن، كما لم تلفت انتباهي تصريحات وزير الخارجية بومبيو حول كرد سوريا وضمان مشاركتهم بمفاوضات مستقبل سوريا؛ لأنها باتت حالة طبيعية. أعتقد أن تصريحات ترامب، ووزير خارجيته تعبِّر عن واقع ملموس على الأرض، وليس تفضلاً من واشنطن على الكرد في سوريا (روج آفا وشمال سوريا) الذين يسيطرون على قرابة 30% من مساحة سوريا، يمثل الكرد اللاعب الأهم وإن شئت فقل رأس الحربة في رسم مستقبل سوريا الجديدة، فلم يقف الكرد عند الخلاف الدولي على إسقاط النظام، ورحيل بشار الأسد، بل نجحوا في تجاوز تلك العقبة، وصنعوا لأنفسهم ولسوريا كلها برنامج سياسي يتجاوز النظام المستبد ويمنع استبداد أي نظام قادم. نجح الكرد في سوريا فيما فشلت فيه بقية القوى المعارضة، واستطاع الكرد بناء مشروع ديمقراطي في شمال البلاد تتشارك في إدارته كل شعوب شمال سوريا، في صورة إدارة ذاتية لها جيش عسكري، وائتلاف سياسي حاكم يقوم بمهمته على أكمل وجه. في شمال سوريا هناك مشروع دولة شبه قائم يحتاج فقط للدعم السياسي والخدمي ليظهر بشكل لا يختلف كثيراً عن دول تمتد في أعماق التاريخ، في شمال سوريا، هناك معارضة ونشطاء لا يتركون خطأ دون مهاجمة نظام الإدارة والمسئولين عنها دون أن يتم اعتقالهم كما نشهد بدول الجوار، ولا تخجل الإدارة الذاتية من الاعتراف بخطئها والتراجع عن أي ممارسات أو سياسات ارتكبتها لم تحظ بالرضا الشعبي. وليس معنى كلامي أن الأمور وردية بشمال سوريا، بل على العكس تماماً هناك أخطاء، وهو أمر أراه طبيعياً جداً في ظل تجربة جديدة وفريدة في الشرق الأوسط، فضلاً عن طبيعة الوضع السياسي وتداخل القوى الإقليمية بسوريا ما يجعلها مهددة من الدول صاحبة المصالح والمعادية لأي نجاح كردي في المنطقة. وضع الكرد هو الأساس الذي ستبنى عليه المرحلة القادمة بسوريا، حيث منحوا العالم مسودة حل أسوأ أزمات القرن العشرين، ولم يعد من المنطقي ولا الطبيعي التراجع عن وضعية شمال سوريا، بل من المتوقع أن يتم تعميم التجربة برعاية دولية وأممية، حاجة العالم وعلى رأسهم واشنطن للكرد تفوق بكثير حاجة الكرد لهم، وضعية شمال سوريا تبدو مستقرة وتستطع البقاء سواء تحالفت مع أمريكا أو غيرها، أما واشنطن فلن تستطيع البقاء في سوريا دون التحالف مع الكرد. وباعتقادي أن زمن انتهاك حقوق الكرد بسوريا، قد ولى بغير رجعة، وأي حديث عن استبعادهم أو التهديد بمواجهتهم من قبل قوى إقليمية أياً كانت مجرد محاولة للقفز على مشاكل داخلية ليس إلا، سوريا الجديدة تتسع للجميع، والفيدرالية لن تسمح بحاكم مستبد مرة ثانية، ومن أهم ما يجب التأكيد عليه هو ضرورة العمل على تطوير الإدارة الذاتية وفتح أطر الحوار لتوسيعها واحتواء وجهات النظر المعارضة وتقوية الصف الداخلي بفيدرالية الشمال السوري.
وختاماً أيها الكرد لا يغرنكم كلام ترامب، ولا تصريحات بومبيو، ولا تلقوا بالاً لتهديدات أردوغان لقد صنعتم واقعاً جديداً وغيرتم خارطة سوريا المستقبل لكم، والجميع سيلحق بكم مضطراً أو مجبراً فانتظروا وإنا معكم منتظرون.
No Result
View All Result