سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الفنون والأدب عند المفكر عبد الله أوجلان

د. علي أبو الخير_

مازلنا نستكشف جوانب جديدة في فكر الفيلسوف عبد الله أوجلان، فقد كتبنا عن فكره الثقافي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
واليوم نبحث عن جانب جديد في فكره، وهو جانب شاعري رومانسي، وهي رؤيته للفنون بصفة عامة، والأدب الروائي بصفة خاصة، حيث قال مقولته المعروفة: “الفن هو البحث عن الحقيقة”، وأيضاً “بدون الفن لن تتكون مهنة الأدب والعشق” وكما فهمنا هو الشغف العالي بالرواية، ويرى القائد أوجلان أن الأدب مُقدمة للثورات، فقد قال كما قرأناه في موقع https://shermola.net/?p=154، بأن الأدب من العوامل الرئيسة التي مهّدت لولادة الثورة الروسيّة، وكذلك الثورة الفرنسية، وأن تحضير الثورة الفرنسية هو تحضيرٌ للأدب، حتى أنهم يصبغون فلسفتها بفلسفة التنوير، تعدُّ تلك الفترة الرومانسية المدهشة، وكأنها حجر الزاوية للثورة، ويمكن قول الشيء نفسه لأجل الثورة الروسيّة أيضاً، فمثلاً من دون ظهور شخصيات كـ “تولستوي ودستويفسكي ومكسيم غوركي وبوشكين”، لا يمكن التحدث عن ظهور الثورة الروسيّة، ومن الممكن مشاهدة تطورات مشابهة لها في الشرق الأوسط أيضاً.
الأدب مُفجّر الثورات
لقد رأى المفكر عبد الله أوجلان إن الأدب يُفجّر الثورات، الأدب شعراً ونثراً، رواية وأقصوصة، موسيقى وغناء، كلها تُمهد للثورة، وهي التي فجّرت وتُفجر ثورات الشعب الكري كما في حالة حزب العمال الكردستاني، فلقد ظهرت أنواع مثيرة، وهي النماذج الكردية الأصل التي تلعب أدواراً مهمة في مجال الأدب والفن، فكيف يجب تناول أوضاع هذه النماذج؟ حقيقةً هل يدخل هؤلاء ضمن تصنيف الأدب التركي أم أنهم ضمن نطاق آداب الاستعمار الأخرى؟ وهو سؤال مهم وضروري، فالأدب لا جنس له، والأدب عموماً إنساني النزعة، فلقد تأثرنا بأدباء ومفكرين من فرنسا وإنجلترا وإسبانيا وروسيا…. إلخ، وهنا وجد القائد عبد الله أوجلان أن المكنون الفلسفي الأدبي الكردي كُتب كثير منه باللغة العربية، وعلى سبيل المثال هناك أحمد شوقي، الذي يعتبر أكبر شاعر في الأدب العربي، ولكنه كردي الأصل، وهناك أحمد عارف في الأدب التركي ويلماز غوني في السينما التركية ويشار كمال في الرواية، وجميل صدقي الزهاوي وبلند الحيدري، كلهم من أصول كرديّة، انصهرت فيهم الروح الكردية الثائرة، مع العمق الحضاري العربي الإسلامي، مع تأكيد أن الكرد من أهم وأبرز الشعوب إسهاماً في الحضارة الإسلامية، العمق الثوري الكردي نجده في أشعار شوقي والزهاوي وغيرهما.
إن الاقتراب بالمقاييس العصرية ليومنا إلى الأدب الإسلامي والمؤلفات والآثار الأدبية التي طوروها، له فائدة عظيمة، أصحاب العرفان والمعرفة على مدى العصر الوسيط، ابتداءً من حكايات “ألف ليلة ولية” و”سياسة نامة” ومن “شاهنامه الفردوسي” إلى “مشنوية مولانا”؛ جميعها يمكن اعتبارها نصف رومانسية أو أعمالاً عظيمة ورائعة، وتدخل في نطاق أثر الحضارات والثقافات في بعضها البعض..
ومثال ذلك الكاتب والصحفي المصري المشهور الراحل (محمد حسنين هيكل)، كان يؤلف كتبه باللغة الانجليزية أولاً، ثم يتم ترجمتها للغة العربية، ولذا تظل كتابات مصرية، وهو ما ينطبق على الأدب المكتوب بلغات أخرى غير اللغة الكردية، تظل تحمل ملامح الأدب الكردي، ويقول القائد أوجلان “على الرغم من أنهم ينتمون إلى أصل كردي، إلا أنهم يصبحون أبرز أدباء القومية الحاكمة، هذا يُظهر أن الاستعمار ذو تأثير كبير على الأدب، إنه انصهر وهو بارز لآخر درجة، لذلك يتطلب توضيحه وإلقاء الضوء عليه”، وهو قول مقبول، لأن الاستعمار سعى لعدم توحّد شعوب منطقتنا، من خلال سياسة “فرّق تسد”، ثم تأجيج الصراعات الفكرية، في الأدب والفن، بالتفاخر والتباهي، وتكون فتنة، يشعل الاستعمار الحرب، الحرب التي في النهاية هي مطلب الاستعمار.
تأسيس الأدب الكردي المعاصر
يريد القائد عبد الله أوجلان البدء بمرحلة الأدب الكردي الجاد، وتقديم كافة المساعدات المادية والمعنوية للأدباء دون مقابل، بأن عليهم التدقيق والبحث في حزب العمال الكردستاني، وقال “لقد بدأ كافة أدباء العالم بالتدقيق في وضعنا، ويأتي إلينا العديد من الكتّاب والمثقفين باسم الدول مثل ألمانيا، بريطانيا، فرنسا وأمريكا. حتى إنني لم أعطِهم موعداً، وذكرت لهم بأنني لا أملك الوقت. كانوا يقولون: “إننا نرغب بتأليف كتاب””. وظهر وضع يلفت الاهتمام لهذه الدرجة، وهو ما تحقق بالفعل، من خلال مؤلفات القائد عبد الله أوجلان نفسها، خاصةً فيما يتعلق بالديمقراطية والأمة الديمقراطية.
عاطفة الثورة
أما اللغة الأدبية التي استخدمها كتّاب الأدب، فهي لغة الثورة، والثورة الكردية خصوصاً، فقال: “أخيراً بلا شك، عند الحديث عن نمط اللغة والتعبير للثورة، لا أريد أن يُفهم ما إذا كانت كردية أو تركية… إننا نقترب من هذه المسألة بشمولية أكبر، عندما يقال ما هي مشكلة الأدب الكردي… القاعدة لا تستطيع أن تصل في الحرب إلى عُمق العاطفة، إذ تتغذى القلوب نوعاً ما من الثقافة والأدب والشعر والغناء والعادات والتقاليد… وشباب المرحلة مُنقطِعون عن كل هذه الخصائص، فهم يعايشون المجزرة الاستعمارية بشكلٍ مذهل”.
ونفهم أيضاً من حديث القائد عبد الله أوجلان، أن الأدب مختلط بالعاطفة الثوريّة، حيث انطلقت الروح الأدبية الكردية مع المفكر الفيلسوف عبد الله أوجلان، وظهر ومازال يظهر بوجود عدد كبير من الأدباء رجال ونساء، استلهموا الروح الدافقة من القائد عبد الله أوجلان.