قد تجتمع الفلسفة والدين في كلمة واحدة، وهي الحكمة، وقد ذكرها الله سبحانه وتعالى، وأشاد بها في القرآن الكريم، فقال: “يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ”، وإذا تابعنا حركه الفلسفة والفلاسفة في الدين الإسلامي، لا نجد لها أي وجود في عصر النبوة، إلا عند النبي صلى الله عليه وسلم، متمثلة في آيات الله البينات، فكان هو الحكيم والفيلسوف والمشرع، الذي لا يمكن أن يخطئ في شيء، فمهما كان الإنسان حكيماً ومفكراً وعبقرياً فلا يمكن له أن يواجه كلام الله، أو يتفلسف فيه، أو يغير منه، لذلك لا نرى في التاريخ الإسلامي فلاسفة إلا بعد عهد “المأمون العباسي”، الذي سمح بترجمة كتب الفلاسفة وقراءتها ودراستها، ولم يتم إطلاق لقب فيلسوف إسلامي على علماء المسلمين إلا في العصور المتأخرة، حيث إنهم كانوا يطلقون عليهم اسم علماء كلام المنطق، وكانوا يجتمعون في بلاط الخلفاء ويتجادلون ويتحاورون، وربما وصلوا إلى التكفير وإعطاء فتاوى القتل، كما حدث في حال فتنة، أو محنة خلق القرآن، أو عدم خلقه، وكما حدث أيضاً في فتنة القدرية والجبرية، حيث تفلسف العلماء الإسلاميون في حينها “هل القرآن مخلوق، أم أنه أزلي” لأنه كلام الخالق، ثم في القدر هل الإنسان مسير، أم مخير..؟، ولم تكن كلمة فيلسوف مستساغة في الأوساط العلمية الإسلامية، فكانوا يسمونهم بالحكيم، أو الطبيب كـ “ابن سينا وابن رشد والفارابي”، أولئك الفلاسفة الكبار تم محاربتهم وقتلهم واغتيالهم، واتهامهم بالفسق والزندقة والكفر، لأنهم تكلموا في الجانب العقائدي، وفي الدقائق التي كان لا يجرؤ غيرهم أن يتكلم فيها. لذلك؛ نرى هذه النظرة حتى في زمننا هذا إلى الإنسان الذي يقرأ الفلسفة نراه في مجتمعنا ينظر إليه بنظرة أنه قريب إلى الجنون، أو يكاد، مع أن الفلسفة هي الحكمة، وهي الوصول إلى منابع العلم وأصوله، لذلك؛ فإن الفلسفة تبين قوة ارتباط الدين بالعلم والمعرفة وتزكية النفوس، وكبح الشهوات الحيوانية في النفس البشرية، لذلك قال الله سبحانه وتعالى، على لسان سيدنا ابراهيم عليه السلام: “رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ”.