نعيش هذه الأيام الذكرى المؤلمة للمؤامرة الدولية التي استهدفت القائد والمفكر والفيلسوف والمناضل عبد الله أوجلان، الذي غير مجرى التاريخ من خلال طرحه للحلول المنطقية للقضايا العالقة في المنطقة والشرق الأوسط ككل، من خلال فكر الأمة الديمقراطية الذي يعتمد على مبدأ أخوة الشعوب والتعايش المشترك وقَبول الآخر والتساوي بالحقوق والواجبات.
هذا القائد العظيم والمفكر والفيلسوف الأسطوري الذي جمع كل المزايا ليكون بالفعل قائد المشروع الديمقراطي للحل في الشرق الأوسط، كتب في مجمل القضايا وعرضها مع حلولها، فكانت له رؤى ثاقبة في حل المعضلات التي تعترض المسائل العالقة، وبخاصة فيما يخص الحل السلمي للقضية الكردية التي باتت من القضايا الهامة التي تشغل بال المجتمع الدولي، حيث توصل الكثيرون منهم إلى أن هذه القضية يجب أن تحل عبر الحوار والطرق السلمية.
القائد عبد الله أوجلان نظر إلى القضية وحلها بكل شفافية ومنطقية وحقق الكثير من المكاسب في هذا الجانب ووضع لها حلولاً، ولكن الدولة التركية التي تنظر إلى الكرد وكأنهم مخلوقات غريبة عن هذا الكون لا بد من إبادتهم والقضاء عليهم، أرادت التخلص من القائد عبد الله أوجلان لأنها رأت فيه المخلص والمنقذ للكرد في جميع أجزاء كردستان، وخاصة أن حركة التحرر الكردستانية كانت تتنامى وتكبر يوماً بعد يوم، وكان لها تأثير كبير على المستوى الكردستاني ومحيطها الإقليمي.
لذا وبعدما اكتملت خيوط المؤامرة الكبرى، هددت تركيا باجتياح سوريا إن بقي القائد عبد الله أوجلان في سوريا، ولكنه رأى بأن بقاءه في سوريا سيكلفها الكثير من الخراب والدمار والدماء فقرر الخروج من سوريا عام 1998، وكانت عيون المخابرات تلاحقه من مكان لآخر، إلى أن وضعت الرحال به في نيروبي العاصمة الكينية، وفي 15 شباط من عام 1999 اختطف من قبل المخابرات التركية بمشاركة الموساد الإسرائيلي والمخابرات الأمريكية، ونقل عبر طائرة إلى مكان مجهول في تركيا، ثم أقيمت له محكمة صورية شكلية سريعة حكمت عليه بالإعدام، وبعد ضغوط أوروبية على مدار ثلاث سنوات، عدل الحكم إلى السجن المؤبد مدى الحياة، وبالطبع كان المقابل تسهيل الطريق لتركيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ومنذ ذلك الحين يعيش القائد عبد الله أوجلان في عزلة تامة في سجن انفرادي بجزيرة إمرالي، لا يتوفر فيه أدنى شروط الحياة، بأوضاع تتعارض مع المواثيق والقوانين الدولية التي تخص السجناء السياسيين.
ومع ذلك يبقى القائد عبد الله أوجلان المرجع والمنهل الذي لا ينضب ويعطي بكل سخاء، حيث جعل من سجن إمرالي مركز اشعاع للعلم والمعرفة من خلال كتاباته ومجلداته وتحليلاته عن مجمل الأوضاع في المنطقة والعالم. وبعد مرور 22 عاماً على المؤامرة الدولية التي استهدفت رمزاً من رموز الحرية والديمقراطية والفكر والفلسفة، لا نعول كثيراً على المجتمع الدولي بالقيام بحل هذه القضية، لأنهم هم من شاركوا فيها، وإن ما نعول عليه هو إرادة شعوبنا الحرة التي ناضلت وستبقى على العهد في مقاومة المخططات التركية التي تستهدف النيل من إرادتها في شخص المفكر والمناضل الكبير عبد الله أوجلان، ومن هنا تكون حرية القائد أولوية وإطلاق سراحه هدف وغاية.