يعتبر نهر الفرات الشريان المائي ونبض الحياة في الشمال السوري والذي تعتمد عليه منذ القدم في الري و الشرب والكهرباء وتوفير مساحات خضراء واسعة وملطفاً ومرطباً للأجواء وبخاصة انه يمر في مناطق محاذية وليست ببعيدة عنه تعرف بمناخها الجاف وهي مناطق البادية السورية.
كانت تركيا ولا تزال تستعمل نهر الفرات كورقة ضغط وابتزاز لسوريا والعراق وهددت بها الدولتين مراراً، وانتهكت وتبرأت من اتفاقيات التفاهم الخاصة بتوزيع الحصص المائية للدول الثلاث تركيا وسوريا والعراق. وبعد انطلاقة ثورة روج آفا وبعد أن حررت قوات سوريا الديمقراطية مناطق شمال شرق سوريا ومن ضمنها السدود الاستراتيجية على نهر الفرات باتت تركيا الداعمة لمرتزقة داعش تقوم بمزيد من التهديد والوعيد حول قطع المياه.
صور ومقاطع الفيديو التي تتناقلها وسائل الإعلام اليوم لنهر الفرات وهو يدخل الأراضي السورية باتت موجعة وصادمة، وبخاصة بعد لجوء المحتل التركي ومنذ أكثر من شهرين إلى حبس المياه وإطلاق ما يقارب ربع الكمية المتفق عليها فقط من الكمية المتفق عليها دولياً. وكانت قد لجات لذات الأسلوب في صيف عام 2017م، ومن الواضح والجلي تقلص المجرى المائي وانكماش المساحة المسطحة للمجرى لمئات الأمتار في المناطق السهلية، ولإدراك تركيا لأهمية النهر في الزراعة والغذاء وفي توفير مساحات خضراء وتوليد الكهرباء فإنها ومنذ سنوات تهدد وتبتز سكان شمال وشرق سوريا، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في الإنتاج الزراعي وقلة وربما انعدام توليد الطاقة الكهربائية في حال استمرار قطع المياه والتأثير الكبير على البيئة والغطاء النباتي وكذلك على الحيوانات النهرية والثروة السمكية.
وحسب الاتفاقية السورية التركية عام 1987، يجب أن تضخ تركيا المياه بمعدل 500 متر مكعب في الثانية، تحصل العراق على 60% من تلك الكمية، لكن النسبة الحالية للمياه المتدفقة إلى الأراضي السورية بين 150 و 200 متر مكعب من المياه في الثانية. أي حوالي ربع الكمية المتفق عليها.
وكانت إدارة سد تشرين ثاني أكبر محطة كهرومائية في سوريا قد حذرت بداية الأسبوع الجاري، من استمرار حبس تركيا لمياه نهر الفرات داخل أراضيها، ما ينعكس سلبًا على اقتصاد المجتمع والأمن الغذائي العام، وتوفير مياه الشرب للمواطن.
تقليص ساعات توليد الطاقة الكهربائية من محطتي الفرات وتشرين بدءًا من منتصف شهر حزيران المنصرم، جاء كنتيجة لذلك، وأعلنت إدارة السد أن ساعات توليد الطاقة الكهربائية ستنخفض إلى 10 ساعات فقط، بعدما كانت 18 ساعة يوميًا، توزع على مناطق شمال وشرق سوريا.
يذكر إن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا كانت قد طالبت الأمم المتحدة والحكومتين السورية والعراقية الضغط على الدولة التركية، في وقت سابق؛ معتبرة ذلك انتهاكاً للقانون والمواثيق الدولية التي تنظم تقاسم الموارد المائية حسب نظم وسياسات واتفاقات خاصة بذلك.