سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

العيد في زمن كورونا مختلف؛ كيف تعيش نساء منبج طقوسه؟

روناهي/ منبج- بهجة العيد تطغى على أجواء الحظر في ظل انتشار فيروس كورونا ولممارسة طقوسه لون آخر تمارسه نساء منبج ليصنعن الابتسامة على وجوه أطفالهن.
على الرغم من ضيق الحال عند الغالبية من أهالي مدينة منبج؛ بسبب عدم استقرار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، الذي أدى إلى ظهور غلاء فاحش في كثير من السلع والمواد على اختلافها، وباتوا جميعاً في موقف قد يحرم أطفالهم من ضحكاتهم البريئة، غير أن غالبيتهم، قهروا كل الظروف بإرادتهم الصلبة وأصروا على زرع الابتسامة في نفوسهم المتعبة، لذا فإن الكثير من الأسر في منبج وريفها، بدأت تستعد لاستقبال العيد عبر القيام بالعديد من الطقوس الرمضانية التي تتميز بها قبل قدوم العيد، من شراء الألبسة للأطفال، وإعداد كليجة العيد، وتعزيل البيت أيضاً.

 

 

 

 

 

 

شراء ملابس العيد بين إقبال وإعراض لضيق ذات اليد
تزامناً مع قدوم عيد الفطر، تشهد الأسواق حركة غير اعتيادية لشراء الألبسة لا سيما في السوق المسقوف الذي يعد الشريان الرئيسي للتسوق في المدينة. ويعتبر ملاذ آمن لكثير من العائلات ذوي الدخل المحدود لشراء ألبسة معقولة وسط ارتفاع السلع بشكل جنوني، في المقابل تشهد أسواق أخرى موجة من الغلاء الفاحش الذي لا يلبي رغبات سوى شريحة معينة من السكان. وبهذا الصدد، التقت” صحيفتنا” روناهي”؛ بالمواطنة؛ مها المحمد التي حدثتنا عن شرائها الألبسة لأطفالها الصغار في العيد بالقول: “ليس من الصواب أن نحتفل بالعيد دون أن نترك بصمة جميلة لدى الأطفال الصغار. وبالفعل، لقد تركت جائحة كورونا آثار صعبة في نفوس الأطفال من خلال عدم القيام بالزيارات للأقرباء أو ربما الخروج للمتنزهات والحدائق. نعم، لقد أصر أطفالي على الاحتفال بالعيد، ولم يستطع كورونا أن يلغي فرحتهم بالاحتفال بالعيد، لأنهم يعون جيداً الوضع الاستثنائي الذي مر خلال حظر التجول بالمدينة عموماً”.
وتتابع القول بأنه لهذا يحاولون أن يستحضروا الفرح في أبسط الأشياء، يعتمدون في ذلك على براءتهم وإصرارهم على اللحظات الجميلة التي نراها فيهم بكل شيء في حياتنا. مضيفةً بأنها على العموم، ودت من خلال التسوق؛ تغيير النمط السائد في هذه الفترة الصعبة بشراء الألبسة المحببة لدى قلوب الأطفال كثيراً.
كورونا يعيد الزمن الجميل؛ لصناعة كليجة العيد
العيد بما يحمله من أجواء سعيدة تطغى على اللحظات المريرة التي عاشها أهالي منبج طيلة فترة الحظر ولم يستطع فيروس كورونا أن يغيب أهم العادات التي ما زالت كثيرات من ربات البيوت تحتفظ بهذا الموروث العريق، وهو صناعة كليجة العيد. ومهما يكن من غلاء في المواد التموينية التي ثبطت عزيمة الكثيرات عن صناعته منزلياً؛ بسبب ارتفاع تكاليفه الباهظة، غير أن هناك نساء أخريات يبدين مقاومة شرسة ضد كل العوائق لصناعة كليجة العيد.
في الليالي الأخيرة من رمضان، تعتاد الروائح الزكية أن تجول بين أزقة وأحياء المدينة قبيل قدوم عيد الفطر المبارك من كل عام، إذ تحمل في خفاياها سر جمال الاستعداد للعيد، عبر إعداد الكليجة والمعمول بطريقة ونكهة خاصة مميزة لا تعرفها سوى النساء المتمسكات بهذا الموروث العريق.
تروي مها المحمد عن رغبتها في صناعة الكليجة قائلةً: “اجتمع مع أخواتي بشكل جماعي، بعد تناول الإفطار، وأقوم معهن بالتحضير لصناعة الكليجة في أجواء مبهجة و”لمة عيلة مميزة”، يطيب بها مسامرة الكثير من القصص عن أشياء غير محددة.
تعتقد مها أن هذا العام سيكون مأساوياً لكثير من العائلات لأنهم يرفضون فكرة حلوى العيد، بينما هي لم تتردد في صناعته في البيت، وتشير: “بينما تكتفي جارتي بشرائه في طقس افتقدته الأسر في منبج منذ أن أصبح الاعتماد على محال الحلويات لشراء الكعك أمراً أساسياً بدلًا من صناعته في المنزل”.
وتضيف بأنه في واقع الأمر، كان لفيروس كورونا؛ الفضل في استعادة هذا الطقس المبهج الذي لطالما فرح به الصغار وعشقه الكبار، فطعم الكليجة اليدوي مختلف وفرحة صناعته والمشاركة في تشكيله من أجمل اللحظات التي لا تنسى على الإطلاق على حد تعبيرها.
وتؤكد بأن أجمل اللحظات في صناعة الكليجة فور الانتهاء من العجن والنقش والتسوية، فتفوح من الفرن رائحة ذكية تسعد القلب وتذكره بذكريات من زمن ماض كانت فيه كل البيوت تضوع منها رائحة الكليجة بطعم الحليب الرائب، وكأنها تقول بصريح العبارة للجيران والأقارب؛ أننا بانتظار الضيوف الذي لطالما يتزين العيد بوجودهم فيما بيننا.
التعزيل، في أبهى صوره عند نساء منبج
مع حلول العيد بحوالي اليومين أو الثلاثة، تبدأ عملية تنظيف البيت، والتي تسمى في العرف الشعبي عند نساء منبج “التعزيل”، وتشمل تنظيف السجاد والستائر والفرش وكل زوايا المنزل، استعداداً لاستقبال الزوار، ولا تزال هذه العادة مستمرة لدى الكثير من ربات البيوت إلى الآن.
وتشير مها المحمد بأن أجواء رمضان بما حمله من تعب ومشقة أفضى البيت إلى حالة من” الكركبة”، حيث لم يكن يحرصن على تنظيف البيت بالشكل اللائق في أيام رمضان حرصاً منهن على الاستمتاع باللحظات الجميلة التي يفيض بها شهر رمضان الكريم. ولكن ما أن يبقى بضعة أيام على العيد، يتعين عليهن الاستعداد المكثف لهذا الفصل من النظافة المطولة.
وتردف المواطنة مها المحمد بالقول: “نعم ما يشغل بالي بعد شراء الألبسة وصناعة الكليجة تعزيل البيت؛ لأنه قد لا ينتهي في واحد بل قد يمتد لأكثر من ذلك. واللافت، أن هذه المهمة صعبة للغاية وغير مريحة، خاصة خلال أيام الصيام الأخيرة، وفي هذه الأيام التي ترتفع بها درجات الحرارة الأمر الذي يجعل من المهمة بالغة الصعوبة ولا سيما أنه يترافق مع الأعمال الأخرى الاعتيادية في رمضان”.