No Result
View All Result
المشاهدات 1
حسام اسماعيل –
لقد نجح الحكام المتسلطون والمحتلون وعلى مرِّ التاريخ في فهم وتحليل طبيعة الشعوب التي ينوون احتلالها فيقومون بالبحث عن الدوافع واللعب على وتر العواطف الدينيّة والعقائديّة بغية غزو الشعوب من الداخل والتمهيد لاحتلالها على مبدأ حصان طروادة المعروف «الغزو من الداخل»، هذا ما قام به نابليون بونابرت عندما همَّ بغزو مصر لا من أجل مصر ولاحباً بالشعب المصري، بل أراد أن يَغزو مصر من أجل تَأمين طريق للقوافل التجاريَّة الفرنسيَّة التي تَجُوب البحر الأبيض المتوسط والمُعرَّضة للتَهديد من الإنكليز العدو اللدود لفرنسا آنذاك، بالإضافة الى تَأمين مَوطئ قدمٍ لها في شمالي أفريقيَّا.
قام نابليون في ذلك الوقت بإرسال رسالة إلى مصر باللغة العربية وابتدأ بعبارة» بسم الله الرحمن الرحيم» لخداع المصريين وإيهامهم أنَّه لم يأتِ غازياً، بل «جاءَ لمُساندة ومؤازرة الشعب المصري»، وإيهام المصريين أنّهُ جاءَ لانتشالهم من الواقع المتردي التي كانوا يَعيشونهُ، وفعلاً نَجحت خطة نابليون في غزو مصر بهذه الطريقة، واستطاع أن يُؤمن مُوطئ قدم لفرنسا في تلك المنطقة على حساب النفوذ الإنكليزي الذي كانَ يُهدِّد السُفن التجاريَّة الفرنسيَّة.
وهذا ما ينوي فعله أردوغان في هذه الفترة من خلال لبس العمامة الدينيَّة والظهور بمظهر المُخلِّص للشعب السوري من هذا الجحيم الذي يعيشه واللعب على الوتر الديني وتصوير الوضع على أنَّه حرب ضدهم وهم المستهدفون منها، واستطاع أردوغان الاستفادة من هذا الشعور بعد المجازر التي حَدثت في العراق ضدَّ السُنة، والحقيقة أنَّه هو الذي دعم الفصائل المتشدِّدة التي عاثت فساداً على الأرض السوريَّة، وارتكبت أبشع المجازر والمذابح بحقِّ الشعب السوري، والآن وفي ظلِّ التغيرات السياسيَّة والعسكريَّة، قام أردوغان بعقد صفقة مع الدول المحتلة للأرض السورية، وتم سحب الفصائل المسلحة ذات التوجه الإسلامي في سوريا كجبهة النصرة وداعش وغيرهما ممن دعمهم أردوغان وجلبهم إلى الشمال السوري، بعد فشل خططه التي كان يُحيكها ضد الشعوب السورية، وآخرها داعش والتي دَمرت البلد وقتلت السوريين ونَهبت الثروات.
أردوغان الذي تصطدم كلّ مرة آماله وطموحاته العريضة بصخرة المقاومة وإرادة الحياة لدى الشعوب السورية، لم يفهم أن الأرض السورية ليست مكاناً لتنفيذ خططه ومشاريعه، والآن أكثر ما يُغيظُهُ ويقضُّ مَضجعه هذا المشروع الديمقراطيّ النموذجيّ في الشمال السوري، الذي نجح في رصّ الصفوف والتعايش المشترك والعمل الدؤوب من أجل بناء سوريا من جديد والتي عانت الأمرين من سياسة أردوغان، وغيرهُ ممن لا يُريدون الخير للشعب السوري، ويَرفضون رؤيَّة الشعب السوري من منطلق إنسانيّ وأخلاقيّ بل دائماً ينظرون إلى الشعب السوريّ على أنَّهُ الفريسة أو الجمل الذي وقع ويجب افتراسه وتقاسُم لحمِه، ولا يريدون أي فُرصة لتحقيق السلام والأمان لسوريا بل يعملون على استمرار الحرب واستمرار القَتل، لم تنطلِ حيلة أردوغان على الشُعوب السوريّة، وبخاصة المسلمين «السنة» منهم فلم يلتحق بفصائل القتل والتدمير التي دعمها سوى قِلَّة من ضِعاف النُفوس والقَتلة المَأجورين والمُرتزقة هذه هي الحقيقة، والآن وبعد الاتفاق بينه وبين الدول التي تحاول تقاسم سوريا، كان قرارهُ التخلي عنهم وتَركهم لقُمة سائغة بيد قوات النظام السوري، أما الآخرين الذين أقلتهم الحافلات الخُضر إلى الشمال السوري فهو يريد على ما يبدو إعادة تدويرهم من جديد بغية استخدامهم في معارك جديدة يُخطِّط لها لأنَّ مسألة التآمر على الشعوب مستمرة من وجهة نظرهِ، وحيَّاكة الخُطط والمكائد بحق الشعوب السورية مستمرة، ولكن الشُعوب تُدرك هذهِ الألاعيب جيداً، وسوفَ تَعمل على فَضحها والتَشهير بالجلادين وقتلة الشُعوب فدروس التاريخ تثبت ذلك.
No Result
View All Result