No Result
View All Result
المشاهدات 6
محمد العزو_
مواقع العصر الحجري القديم هي من أقدم المواقع الأثرية التي عُثر فيها على نماذج وأدوات من العصور الحجرية في البادية السورية منطقة “الكوم” بالقرب من موقع “الرصافة” الأثري. ومن مخلفات هذا العصر عثر على بقايا من العصر المعروف “بالأشولي” إذ يقدر تاريخها بأكثر من /250/ ألف سنة ق.م وجدت في منطقة “الشنينة” بالقرب من (الرقة).
يعدُّ علماء الآثار والتاريخ أن كلا من وادي حوض (الفرات) “الفرات الأوسط ” ووادي (البليخ) والبوادي والهضاب المحيطة بهما من أكثر المناطق قدما لعصور ما قبل التاريخ ليس في “سوريا” فحسب بل وفي الشرق الأوسط لغناهما الاستثنائي والمدهش بآثار الاستيطانات
الإنسانية “الباليوليتية والنيوليتية” وآثارهما المنتشرة بغزارة فريدة في هذه المناطق.
“العصر الحجري الحديث”: في آواخر الحقبة ما بين /14000و11000 ق.م بدا الطقس يميل نحو الحرارة حسب نتائج غبار الطلع في كل من “العراق” وجبال “زاغروس” وترافق ذلك التحويل بانزياح طبقات الجليد من الجبال وتحول البوادي الباردة الى حالة جديدة بعد فترة طويلة من الزمن بعد أن كانت مغطاة بأشجار (الأريتما) وتحولت تدريجيا إلى مغارات معشبة تكتنفها الأشجار المتنوعة مما يؤكد قيام مناخ حار ورطب وبذلك خرجت الحبوب البرية من ملاجئها الطبيعية التي كانت تعيش فيها طيلة الحقبات الباردة، والتي تعرف باسم فترة “الكيباريان” نسبة إلى كهف “كيبارة”.
إن أول من عيّن وجود من يسميهم علماء الآثار ب “الكيباريين” (هم أسلاف الأوروبيين) عالمة الأثار البريطانية (دوروثي جارود) التي أجرت تنقيبات أثرية فوق جبل (الكرمل) حيث عثرت على أشواك سهام دقيقة وبعض المكاشط هي من صناعة “الكيباريين”: إن “الكيباريين” مثلهم مثل الأوروبيين “الكرومانيين” كانوا خلال فترة العصر الجليدي المتأخر يعيشون على الصيد رغم أن محيطهم كان غنيا بالمياه التي اعتمدوا عليها.
مع الارتفاع الأعظمي لدرجة الحرارة كثر تواجدهم عبر منطقة واسعة امتدت الى أعماق صحراء “النقب وسيناء” ثم (الفرات) حتى العمق “الأناضولي” ثم أنهم بعد ذلك تحولوا إلى التقاط الجوز والبذور خاصة في منطقة غابات البلوط والفستق، حيث الأنهار الغزيرة بمياهها والممتدة من وادي (الفرات) الأوسط “المريبط” و”أبي هريرة'” عبر واحة (دمشق) وصولا بمجرى نهر (الأردن). وبعد عام /11000/ ق.م بدأت مرحلة جديدة شملت جميع أنحاء المشرق والأناضول وما يعرف بتركيا اليوم أطلق عليها علماء الآثار اسم (الغاليستيان) أو “الكيبيريان الهندسي” وفي هذه المرحلة عرف الإنسان إنتاج الغذاء في مناطق نمو الحبوب البرية في المناطق الواقعة على ضفاف الأنهار كـ “دجلة والفرات والبليخ” وغيريهما وهذه المعرفة هي القدر الذي عرفه فيما بعد إنسان الحقبة “النطوفية” عندما كان يعتمد على قطف الحبوب وتدجينها.
لقد بدأ العصر الحجري الحديث في كل مكان من “سوريا” و “بلاد الرافدين” قبل أحد عشر ألف سنة من الآن وقد أدت تربية نماذج مختارة من أنواع الحيوانات وانتخاب أصناف معينة من النباتات لتدجينها وزراعتها إلى استقرار الإنسان في منطقة “الرقة” (تلي “المريبط”، والشيخ حسن) على “الفرات” اقتصاديا واجتماعيا. وآنذاك بدأ العصر “النطوفي” في “سوريا “قبل نحو عشرة ألف سنة قبل الميلاد وفي هذا العصر تعلم الإنسان ممارسة الزراعة فكانت من أهم أسباب تقدمه ثم أنه شيد المساكن ومنها تشكلت القرى ودجن الحيوان، وربى الماشية وبدأ ينتج قوته بيده وأصبح ذا حياة اجتماعية وعقيدة دينية. وقد خلق هذا النمط من المعيشة أمام الانسان فرصة طيبة للتأمل وإيجاد مخارج جديدة لفهم وتفسير الكون ولو بمواصفات بدائية ولغة بسيطة، لقد وجدت آثار هذا العصر في الطبقات العليا من تل “المريبط” على (الفرات) الأوسط وبعد مرور /120000/ مائة وعشرين ألف سنة على نهاية المرحلة الأخيرة من الانحسار الجليدي في الدور الذي يطلق علية اسم الدور “البلوستوسيني” حتى بدا الجنس البشري مسيرته الفكرية نحو عتبة جديدة.. ومع مرور الزمن كانت كافة الأرجاء القابلة للسكن في أغلب أنحاء المعمورة قد احتلتها جماعات بشرية بكثافات مختلفة وكان قوامها الصيد والتقاط النبات وعندما تم الاستقرار لهذا الجماعات كانت القفزة تتمثل في نمط معاشي اعتمد على الإنتاج الفعلي للقوت القائم على تأهيل النبات البرية واستئناس الحيوانات البرية، ولولا تلك القفزة التي حققها الإنسان في تل “المريبط” لكنا ما نزال نعيش حياة الصيد والتقاط النبات.
ومن خلال نتائج أعمال البحت الأثري – (الأنثروبولوجي) تبين على ما يبدو وجود منطقتين شهدتا نشاطا حضاريا مثيرا للاهتمام وذلك خلال الفترة التي تحدثنا عنها والتي تمت فيها القفزة النوعية نحو إنتاج الطعام، وتأسيس القرى الزراعية، والتي يطلق عليها ثورة العصر الحجري الحديث. كانت أولى هذه المناطق تشمل منحدرات وأودية جبال “طوروس” الشرقية وجبال “زاغروس” التي يغذيها نهرا “دجلة وقارون” في الشمال والشمال الشرقي لحدود مناطق الشرق الأدنى القديم.
أما المنطقة الثانية فهي تشمل البلاد المحاذية للشواطئ الشرقية “للبحر الأبيض المتوسط الممتدة شرقا حتى ” الفرات الأوسط و”الجزيرة السورية العليا”.
– مصادر.
ـ موسوعة التشاف العالم، (الحضارات القديمة).
– فرانسوا برودان
ـ موسوعة الحضارات القديمة
– الدكتور هاشم عبود الموسوي
ـ محمد العزو، حضارة الفرات الأوسط والبليخ /دار الينابيع. دمشق/2009م.
No Result
View All Result