سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

العالم يعدُّ أنفاسه الأخيرة في أوكرانيا

نوري سعيد_

يبدو أن الهجوم الروسي على أوكرانيا لن يمر بسلام، فأنظار كل العالم متجهة إليها، فالآتي أعظم وطبول الحرب الكونية الثالثة توشك أن تُقرع إيذاناً ببدء كارثة نووية لأن بوتين مصاب بجنون العظمة بعد أن استطاع ترتيب البيت الروسي منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وفي حال انتصاره لن يكتفي بأوكرانيا بل يهدف إلى إعادة أمجاد حلف وارسو، وأيضاً ما خسرته روسيا من أراضٍ عبر قرون خلت، بدليل أن شروطه لوقف الحرب تعجيزية ولا يمكن لأية دولة ذات سيادة القبول بها (عدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، واعتراف أوكرانيا بالأقاليم التي أعلنت الانفصال عنها)، وغيرها من الشروط.
من هنا على المجتمع الدولي وضع فرملة لهذه الحرب قبل أن يتحوّل بوتين من نمر ورقي إلى نمر حقيقي، سيما أنه بين الفينة والأخرى يهدد باللجوء إلى استخدام السلاح النووي، وفي حال أقدم على ذلك سوف يفتح أبواب جهنم على مصاريعها لأن أغلب الدول التي تدعم أوكرانيا تملك ذات السلاح، ليس هذا فقط، فهو لا يعترف حتى بالمجازر التي ارتكبها جيشه في هذه الحرب وخاصةً في بوتشا ويعتبرها تهماً عارية عن الصحة وإنما فبركات من الغرب، وهنا نسأل: أليس بوتين في سوريا كان يتباهى بأن السلاح الروسي أثبت جدارته في الأزمة السورية؟.
وإذا كان بوتين قبل الحرب على أوكرانيا صرّح بأن “كييف” سوف تسقط علمنا لماذا الشعب الأوكراني قرر الدفاع عن وطنه حتى الرمق الأخير ضد الهجوم الروسي؟!، وطبعاً كلما لاقى الجيش الروسي مقاومة باسلة من الجانب الأوكراني يزداد بوتين بطشاً وقساوة وسوف يعمل المستحيل لتحقيق أهدافه مع العلم أن أوكرانيا لم تعتدِ على روسيا.
لهذا على الشعب الروسي وضع حد لغطرسة بوتين قبل أن يحول روسيا إلى دمار بمآربه التوسعية كما فعل “هتلر”، وما يفعله أردوغان بتركيا، فهو يستغل انشغال العالم بالحرب الروسية الأوكرانية ويعود من جديد إلى تهديد شمال شرق سوريا ومحاولة احتلالها لأن الإدارة الذاتية الديمقراطية، وبحسب اعتقاد أردوغان -متذرعاً- بأنها تهدد الأمن القومي التركي مع أن تركيا تُعد ثاني أكبر قوة في حلف الناتو عسكرياً، وتركيا لم تتعرض لأي هجوم من قِبل (قسد) وهذا يعني أن أردوغان لا يقل خطورة عن بوتين.
فإذا كان الأخير مصاباً بداء العظمة فالثاني مصاب بداء السلطنة، وعلى بوتين أن يدرك بأن أوكرانيا سوف تلجأ إلى أسلوب الحرب الطويلة الأمد لإنهاك الجيش الروسي ولن يكون ذلك في مصلحة روسيا، ومن الأفضل لبوتين التركيز على مطلب حيادية أوكرانيا لأنه قابل للتحقيق، كما على أردوغان أن يدرك أن تركيا لن تستقر إلا من خلال إطلاق سراح المفكر الأممي “عبد الله أوجلان” صاحب نظرية الأمة الديمقراطية، وأيضاً إطلاق سراح “صلاح الدين دميرتاش” ورفاقه في حزب الشعوب الديمقراطي، والانفتاح على المسألة الكردية في تركيا والتي تخص عشرين مليون شخص محرومين من حقوقهم القومية في سابقة لم يعرف التاريخ لها مثيلاً إلا عند الطورانيين.