روناهي/ شدادي: لكل منطقة ثقافة خاصة بها, فلكل مجتمع عادات وتقاليد خاصة تميزه عن الأخرين, وتكون هذه العادات موروث شعبي متناقل ينتقل من جيل لآخر, وتتميز وتختلف هذه العادات من شعب إلى آخر, وفق تقاليد وحضارة المنطقة؛ وتتتبع هذه العادات في حالات الفرح والحزن الاحتفالات العامة والمناسبات الشخصية.
تتميز المناطق العربية عامةً والمنطقة الشرقية على وجه الخصوص بثقافة الأجداد من عادات وتقاليد لاتزال متوارثة من جيل لآخر.
فلا تزال الدشداشة والعباءة ملحوقتان بالشماغ والعقال تعتبر الزي التراثي للمناسبات يلُبس للأفراح والأتراح, وتعطي هيبة خاصة لمن يرتديها, وأن مسألة الأصالة المعاصرة تطرح نفسها في هذا الموضوع, فاللباس العربي يعتبر أحدى أقوى الأدوات التعبيرية في شخصية الرجل العربي في مجالسة وتجعله متميزاً عن أقرانه.
شرب القهوة وحسن الضيافة
ولم يقتصر الأمر على الملبس فقط فتترافق القهوة العربية كل مجلس ولا بد من وجودها في كل منزل تُصب للترحيب بالزائر, وهي الأخرى لها تقليدها الخاص وضوابطها فعند تقديم القهوة العربية تصب عبر فناجين مقعرة صغيرة تختلف عن الفنجان العادي حيث يستمر المضيف بصب القهوة بفنجان الضيف كلما أنتهى من شرب الفنجان إلى أن يقوم بهزة كناية عن الاكتفاء وشكر المضيف.
ويقال أتت هذه العادة من شيوخ القبائل العربية منذ مئات السنين, حيث كان الشيخ يعين شخصاً لصب القهوة ” قهوجي”، ويشترط أن يكون “أطرش” -في بعض المناطق- لكي لا يقوم بنقل الكلام الذي يسمعه داخل المجلس ومن هنا أتت هذه العادة فقد كان يهز الفنجان للقهوجي دليلاً على الاكتفاء من شرب القهوة.
أكرام الضيف
تمتلك الشعوب العربية ثوابت في بعض المفاهيم, فنجد أن إكرام الضيف سمة خاصة تميز الشخص العربي عن غيره, فعند حضور ضيفٍ ما تذبح الذبائح وتقام الولائم على شرفه، ولا يتم سؤاله عن حاجته إلا بعد مضي ثلاثة أيام من ضيافته, حيث يوجد في كل بيت غرفة خارجية معزولة عن المنزل تسمى “الديوان” خاصة بالضيوف مخدمه من كل شيء, ويكون الديوان معزولاً لكي لا يحرج الضيف من أصحاب المنزل ولكي لا يجد الضيف نفسة ثقيل الظل ومحل أحراج للمضيف.
فنجد الآن في المناطق ذات الطابع العشائري في “الحسكة والرقة ودير الزور ومنبج وأجزاء أخرى كبيرة من ريف حلب”، وجود عدد قليل من الفنادق حيث يعتبر من المعيب أن يقضي شخص ليلته في فندق وهو أتى ضيف للمنطقة حتى أذا لم يجد الشخص الذي ينوي زيارته, فكل أهل المنطقة تتهافت لضيافته ولتلبية حاجته.
الطعام المقدم
وتعتبر وجبة “المنسف” وجبة رئيسية تقدم في الافراح والاتراح وأثناء قدوم ضيوف واعتبرت من أشهى المأكولات المقدمة حيث يمتاز بمذاقة الرائع وطعمة المتميز, وهي تكون بشكل أساسي من لحم الغنم أو العجل وخبز الصاج.
وعلى الرغم من التطور الكبير الذي حصل في الآونة الأخيرة وانتشار المطاعم والوجبات السريعة وارتفاع أسعار الذبائح والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تضرب المنطقة، لا يزال الرجل العربي محافظاً على هذه العادة ولم يفرط بها رغم كل هذه الظروف الصعبة.
ومن العادات الأخرى هي المروءة والشجاعة وأغاثه الملهوف وهي من الثوابت أيضاً، ويأبى الشخص العربي أن يغيرهن, فهن محط فخر واعتزاز لدى العرب, ولا تختلف هذه العادات بين عربي وآخر من منطقة لأخرى فالرجل العربي جُبل عليهن بالفطرة حتى في عصر الجاهلية ما قبل الإسلام, فقد كان العربي يتمتع بهذه الصفات، وكانوا ينضمون الشعر والقصائد يتباهون بهذه الخصال الحميدة، على الرغم من وجود بعض العادات السيئة مثل شرب الخمور ووأد البنات والتي تم التخلص منها منذُ بدء رسالة النبي محمد، وانتشار الدين الإسلامي والذي بدورة صحح كل الأخطاء السابقة.
وإن العادات والتقاليد العربية تتشابه عند كل العرب ومع اختلاف الجغرافيا فهي لم تتغير وتتبدل مع مرور السنين ومازالوا يحافظون عليها ويتشبثون بها وبقيت صامدة مع كل التغيرات التي تطرأ, لأنها لم تكن عادات بالية بل كانت وستبقى عادات محببة ومحط فخر واعتزازا مع تغير الزمن وتَغير الأجيال.