سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الطُعم التركي للجبهة العربية

استيرك كلو  

بالاستناد على سياسة الإبادة ضد الشعب الكردستاني، تستمر حكومة العدالة والتنمية الفاشية عبر وسائل لا تمت بصلة لا بالقوانين والحقوق ولا بالمبادئ الأخلاقية للقضاء على الجبهة الوطنية الكردستانية وقيادتها. تقتل المدنيين والصحفيين أمام أنظار العالم يومياً، وفي شمال وشرق سوريا اتخذت من هذه الوسيلة أداة ضغط لتحطيم إرادة شعب يكافح بروح الثورة منذ عقود. لم تكتفِ باستخدام الوسائل التي تساندها كلاعب في ساحة جبهة الناتو وحلفائها الإقليميين من تقسيم وتشريد وتغيير ديمغرافي بل تستند بمضمونها على استراتيجية هيمنة النفوذ كسابق عهدها.
استخدمت حكومة العدالة والتنمية المستبدة هذه السياسة ضد العديد من دول الجوار. بعد أن فقدت تركيا السيطرة على الجبهة الديمقراطية بقيادة حزب العمال الكردستاني كقوة ديمقراطية في كردستان والشرق الأوسط، توجهت إلى دول الجوار هذه المرة لخوض معركة الحقائب الدبلوماسية واتفاقيات اقتصادية كسند في نجاح سياساتها واستغلال الأزمة الموجودة للنجاة من الغرق المحتوم في آخر المطاف. والاتفاق الثلاثي ما بين تركيا والعراق وحزب الديمقراطي الكردستاني الذي أُسند في مضمونه على استغلال العراق لصالح أنقرة يأتي في مقدمة هذه السياسة، إن الاتفاق الأخير هذا دلالة على تورط العراق في التوقيع على بعض البنود التي ستؤدي بها إلى خسارة استراتيجية في المستقبل القريب، وأهمها البند المتعلق بالاتفاق الأمني الذي سمح لتركيا بضرب العمق العراقي بالطائرات المُسيّرة وقتل المدنيين والصحفيين.
أما الطُعم الآخر كجانب لهذه الاتفاقية والذي سيكلف العراق أكثر مما هو متوقع هو تصحرها الذي يزداد يوماً بعد آخر، رغم إنها من البلاد الواقعة ما بين أغنى حوضين مائيين في الشرق الأوسط دجلة والفرات. أما بخصوص التصافح الساخن ما بين الرئيس المصري وأردوغان، فتحمل رسالة أخرى للعمق العرب بعد إصرار الأخير في إعادة العلاقات ما بين البلدين. ليس خافياً، البرودة التي خلّفها دعم الاحتلال التركي للإخوان المسلمين في مصر واتهاماتها لنظام مصر ورؤسائها، فماذا تغير لتأتي تركيا مرةً أخرى في محاولة الإمساك بالعصب الحساس للساعد المصري بعد أن فقدت الكثير من نفوذها كأولى الحضارات في تاريخ منطقتنا. قدمت تركيا كإحدى أهم قوى الناتو في المنطقة الطُعم الأول لمصر عندما أقنعها في الضغط على سوريا لخروج القائد عبد الله أوجلان من سوريا، والكل يعلم بمدى تأثير هذا الدور، وهذا كان من أهم الأسباب التي تركت شرخاً كبيراً في الجبهة العربية.
يبدو بأن الحاضنة العربية لأردوغان لا تتسع لتطبيق مآربه في هذه المرحلة، لكن إن رضخت وتنازلت له، فستدفع بهم إلى مرحلة ستكون أسوء من أيام جمال باشا الذي سماه الشعب العربي بالسفاح والذاكرة الشعبية مازالت حيّة وقائمة ولا يمكن لأحد محو هذه الحقيقة في هذه المرحلة التي تلعب فيها تركيا دور المنافق الفتاك لحضارة الرافدين والنيل والشام، أما بالنسبة لسوريا فالوضع ليس كما السابق حتى إن ماطلت دمشق في قبول الشروط التركية مقابل سيادتها في بعض المناطق المحتلة، فالمسألة لا تكمن في فتح المعابر فحسب ولن تتوقف عند هذه النقطة. دولة الاحتلال التركي تُطالب بتطبيق اتفاقية أضنة المُعدّلة التي تتلخّص في احتلال تركيا للأراضي السوريّة بعمق 40 كم، وما دعوة أردوغان للأسد على مائدة عائلية إلا طُعم آخر ستخرج منه سوريا خاسرة مرةً أخرى ما إن تم تطبيقها.