روناهي/ قامشلوـ عاشق الجبال والحياة الحرة، الكوجري الذي لم يرغب بمغادرة بيته الكبير “الطبيعة”، بل استمد من جمال كردستان وجبالها وقمحها وأنهارها إلهامه، ليكون الثوري والكاتب والشاعر والقيادي حسين شاويش (هركول ديرك) خيوط شمس الكرد، فهو اختار نهج الثورة ضد التسلط، فكان الملهم للكثير من الكُتَّاب والثائرين الغيورين على الوطن والأرض والثقافة الكردية.
أمضى خمسة عشر عاماً في سجون تركيا، وكان في طليعة ثورة روج آفا. القيادي في وحدات حماية الشعب حسين شاويش عاصر ومر بالعديد من الفترات والمراحل العصيبة بعد أن اختار درب الثورة ضد التسلط والطغيان، وسطَّر بحروف من ذهب حياة مليئة بالنضال والمقاومة.
ولد القيادي والثائر الكردي حسين شاويش عام 1958م، في قرية بروج (قره جوخ) في منطقة كوجرات التابعة لديرك، وينتمي إلى عشيرة ميران الكوجرية. ترعرع في أحضان جبال قره جوخ المواجهة لجبال جودي في باكور كردستان وسط مجتمع يحترم العمل وقيم الحياة. أنهى دراسته الابتدائية في القرية والإعدادية في مدرسة زكي الأرسوزي والثانوية في مدرسة عربستان في مدينة ديرك. ومن ثم انتسب إلى المعهد الزراعي في دمشق.
إلا أن أنه لم يكمل دراسته في المعهد بل انضم إلى النضال السياسي. في بداية مسيرته السياسية انضم إلى الحزب الشيوعي، إلا أنه غير مساره بالانضمام إلى اليسار الكردي لأنه وجد في الحزب الشيوعي ما لا يتطابق مع هدفه فيما يتعلق بالقضية الكردية. وفي هذه الفترة وتحديداً في عام 1984م، كان يؤدي الخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش السوري.
نضال دؤوب ضد التسلط
تميز الشهيد شاويش في صباه بشغفه بالبحث فقد كان مفعماً بالحيوية والنشاط. وفي عام 1984م ناضل بصفة مؤيد في صفوف حركة الحرية، وفي عام 1985م انضم بشكل كامل إلى حركة حرية الشعب الكردي. ومن هنا بدأ نضاله الدؤوب ضد تسلط الحكومتين في تركيا وسوريا والقمع الذي كانتا تمارسانه ضد أبناء الشعب الكردي، وسمته البارزة في هذا النضال هو البحث عن الحقوق المسلوبة. خلال نضاله الجماهيري تنقل بين العديد من مناطق روج آفا وسوريا من دمشق إلى حلب إلى عامودا إلى ديرك، يناضل من أجل القضية الكردية وينشر فكر النضال والمقاومة بين الجماهير وينظمها.
السجن لم يردعه عن ممارسة حريته الخاصة
وعند اعتقاله على يد الأتراك في كمينٍ له مع رفاقه لم تكن جدران السجن تمنعه من أن يستكمل نضاله وهو أسير، فبدأ في السجن بتعلم اللغة الكردية والتركية. كما تعمق في تاريخ الشعب الكردي، ونمت معارفه وثقافته كما ساهم في تدريب رفاقه. ترجم المقالات والأبحاث من اللغة التركية والعربية إلى اللغة الكردية، كما بدأ بكتابة المقالات والدراسات، إلى جانب البدء بكتابة الشعر للتعبير عن مكنوناته ومشاعره. أعاد صياغة معنىً جديدٍ للحياة خلال خمسة عشر عاماً من السجن مما عزز آماله في الحياة والنضال والمقاومة.
وفي عام 2005م أنهى شاويش فترة سجنه وسلمته تركيا إلى سوريا، وبعد أن نال حريته باشر بالنضال بين الجماهير حيث كان له باع طويل في مجال اللغة الكردية، وهو المتمرس بالفعاليات الجماهيرية وعلى دراية تامة بطبائع أهالي روج آفا. استطاع من خلال شخصيته المتواضعة والمتوازنة وثقافته الغزيرة، الدخول إلى قلوب أبناء الشعب الكردي. كان متواضعاً حكيماً ومثقفاً، لم يميز أبداً بين كبير وصغير، غني وفقير، امرأة أو رجل. كانت علاقاته مع المجتمع مصدر إلهام وروح معنوية عالية. كان يكافح ويناضل من خلال آرائه وقلمه ضد كل ما يضر بمصالح شعب روج آفا، كما كان يناضل في المجال الأدبي إلى جانب المجال السياسي.
كتبه وأعماله
ألف كتاباً بعنوان “دراسة اجتماعية ثقافية تاريخية ـ سطور منسية من حياة المجتمع الكوجري” يتناول فيه تاريخ وحياة الكوجر من مختلف الجوانب، إضافة إلى مجموعة شعرية باللغة الكردية بعنوان `Li hev kombûn û Pênûsa min`، كما ترجم قصائد نزار قباني إلى اللغة الكردية، إلى جانب العديد من القصص والمقالات والدراسات كان ينشرها في العديد من المجلات مثل صوت كردستان، الشرق الأوسط، كما نشر سلسلة مقالات تحت عنوان “السجل الأسود” والتي نشرت في جريدة روناهي.
استشهد القيادي والثائر حسين شاويش أثناء تأديته لمهامه وتحديداً بعد مشاركته في إحدى مراسم إحياء ذكرى ثورة التاسع عشر من تموز في 20 تموز 2016م. الثائر والثوري الذي خدم المجتمع الكردي بكل ما يملك من فكرٍ وبكل اندفاع، فدوَّن التاريخ الكردي اسمه في صفحاته المشرقة، لتكون مسيرته الثورية شمعة لا تنطفئ، تنير درب كل ثائر حر. على نهج المناضل الشهيد حسين شاويش وبصورته التي تنبعث منها الأمل تُنظم الكثير من الفعاليات والمهرجانات والمعارض تحت اسمه، وكما كل سنة أقيم معرض الكتاب الرابع “هركول” تحت عنوان “اقرأ… اعرف ذاتك” في قامشلو في صالة زانا، وكان يوم المعرض الأول بتاريخ 20/7/2020م المصادف يوم الاثنين.
معرض الكتاب.. استذكار لروح الشهيد هركول
برعاية هيئة الثقافة بإقليم الجزيرة وهيئة الثقافة في شمال وشرق سوريا اكتملت لوحة المعرض للمرة الرابعة على التوالي، وكان الحضور في اليوم الأول للمعرض لافتاً، حيث حضر الكثير من المثقفين والأهالي ومختلف الكُتَّاب والمشاركين من أجزاء كردستان الأربعة والشرق الأوسط وشمال شرق سوريا، فكان عدد الكتب أيضاً كبيراً وتنوعت الأجناس الأدبية في المعرض وبلغاتٍ متعددة، وكان قسم أدب الأطفال هذه السنة أكبر، فعدد الكتب المعروضة قُدر بحوالي 130000 كتاب، وما يزيد عن عشرة آلاف عنوان، ناهيك عن مشاركة دور نشر ومكتبات كثيرة وعديدة أعطت تمازجاً حضارياً ثقافياً جميلاً، هذا العدد الكبير نلاحظ من خلاله غنى مكتباتنا وبالأخص المكتبة الكردية، فقد كانت كتب التاريخ الكردي والشخصيات المناضلة تملأ الرفوف وتزين القاعة.
هذا وسيستمر المعرض لستة أيام على التوالي من الساعة العاشرة صباحاً إلى الساعة الواحدة ظهراً، ومن الساعة الخامسة مساءً حتى التاسعة، وسيتضمن برنامج المعرض ندوات ومحاضرات وحوارات حول طاولة مستديرة، إلى جانب معرض الصور الذي قُدم من قبل: “صور شوبدارين روجي ـ صور للأسايش ـ صور للهلال الأحمر الكردي”.