سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الشباب وثقافة السلام

أحمد اليوسف –

 لقد اقترن اسم الشباب بالحداثة والتجديد، والحداثة هي إيجاد أنماط تفكير إبداعية متجددة كالشباب، تشمل دائرة التعامل التي توثر بالإنسان، وتنمية الشباب وتمكينهم هي التي تُنشأ عندهم التفكير البنّاء والنظرة المستقبلية، فعن الإمام علي عليه السلام :”وإنما قلب الحدِث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلتهُ”، وفي أغلب الأحيان يتأثر الشباب بالأفكار الجديدة المطروحة، بغض النظر عن كونها متطرّفة أو معتدلة من جهة، ومن جهة أخرى البيئة، والمحيط الذي نشأ فيه قد ينمّي هذه الأفكار أو يرفضها، فللشباب الدور الكبير في مختلف المجالات، ومنها صنع السلام العالمي واستقرار الشعوب؛ ذلك لطبيعة الشاب المرنة والروح المتفائلة؛ لكن هنالك صراع آخر يظهر على الساحة الشبابية ويصطدم بها، هي طبقة كبار السن المسيطرة على المشهد السياسي عالمياً، ويصل هذا الصراع إلى حد لا يقبل كلّاً بالآخر، فالشيوخ ومن خلال تجاربهم والخبرة المتراكمة، والتي يشوبها الحذر والخوف، لا يرغبون بتكرار أخطاء الماضي – كما يظنون- في أفكار الشباب الجديدة، أما الشباب تمتاز أفكارهم بالتجديد، ومع توفر مقومات وظروف ما، يكتب لها النجاح، فتكون نقلة مهمة؛ وحتى على مستوى العلاقات هنالك اختلاف بين نظرة الشيوخ والشباب، وتتسم علاقة الشيوخ بالحكمة؛ وأنا اقول ليس في كل الأوقات، بل تتصف بالمصلحة أو لا تخلو منها، أما علاقات الشاب فتتسم بالشفافية والمرونة والوفاء والصداقة.  ولتقليل هذا الصراع فنحن بحاجة إلى دمج ما بين المسارين قاعدة من الخبرة والتجارب بالإضافة لاندفاع وإبداع الشباب؛ ليكون السير وفق المسار الصحيح.
فنحن بحاجة إلى الحوار بدل الجدال، وإلى السلام بدل السلاح؟!! والشباب هم أكثر من يستطيع صنع الحوار والسلام العالمي، وكيف لا؟ وهم يمثلون أكثر من نصف سكان العالم !! فرغم التقدم والتطور العلمي والتقني؛ لكن ما زلنا نسمع الدول التي تدعو إلى الحرية، وهي تتكلم بطائفية أو عنصرية اللون القومية،  فمن أين يأتي السلام؟!! وهي تنمّي هذا الخطاب، أو تصدر أحكام، أو عقوبات، حصار.. على شعوب رفضت قرار ما، أو رغبتها في امتلاك تقنية علمية، أو مشاريع تنموية اقتصادية، لتجابه بمواجهة عنيفة، واتهامات تصب في سلبها حقها في تطوير واستثمار طاقتها وفق القانون الدولي؛ ولعل ذلك من أهم ما يكرس سياسة الحرب والسلاح والكراهية بين الحكومات أو الشعوب، والتأثير على الرأي العام، وبالتالي على الشباب، وإيهام الشباب والناس بخلق عدو وهمي يحاول الوصول لهم وقتل مستقبلهم، كما تفعل الدول الكبرى اليوم من تصريحات، وتقوم بأعمال تزيد التشنجات، والكراهية لمقاصدهم، ومصالحهم السياسية الضيقة!! فالطبقة الشبابية قادرة على إذابة هذه المخلفات التي يروّج لها الإعلام العالمي المزيف؛ ليخدع الشعوب البعيدة عن الأحداث، ويكتفي بما يُنقل من فضائيات مدفوعة، وتروّج للكراهية والعنصرية، ورفع السلاح بدل غصن السلام، وتبقى لروح الشباب المندفعة نحو اكتشاف كل جديد، والوعي والثقافة المتفتحة على الجميع وقبول الآخر، وكذلك اتخاذ وتبني ثقافة الحوار منهجاً وممارسة، وإمكانية قبول ومواكبة الفكر والثقافة الجديدة المتجددة.