No Result
View All Result
المشاهدات 0
كمال عاكف –
تصريحات لافروف الأخيرة لا تخدم دور روسيا في سوريا ولا الشعب السوري، وعلى روسيا الاتحادية لعب دور فعلي وجدي فيما يخص الحل الوطني والحوار السوري ـ السوري، ولا بد لها من أن تلعب بشكل فعال دورها الهام في قيادة الدولة السورية أو المجتمع السوري نحو بناء ارادته السياسية الحرة وتعزيز مشروع التحول الديمقراطي في المنطقة. روسيا تدرك تماماً بأن الشمال السوري على مدار السنوات السبع من عمر الأزمة والمكونات الموجودة في الشمال السوري هي من حافظت على الوحدة الوطنية والجغرافيا في سوريا، وهي من قامت بتسهيل عمليات الحل الديمقراطي في سوريا وساهمت في تعزيز وجود أجواء مناسبة للانطلاق نحو حل ديمقراطي يخدم عموم السوريين، أما روسيا فعملت العكس وحتى في مؤتمر سوتشي لعبت دور سلبي، والمؤتمر لم يكن في خدمة الشعب السوري إنما خدم المصالح التركية والروسية، وفي آستانا تم الاتفاق مع محور إيران وتركيا برعاية روسيا المؤتمر الذي لم يكن فيه أي صياغة سورية وبالتالي فشلت الجولات التفاوضية في مؤتمر آستانا. وحتى الآن روسيا تدخل في اتفاقات وتفاهمات مع تركيا على حساب الشعب السوري، وعلى الروس ووزير الخارجية الروسي أن يعيدوا النظر في تصريحاتهم ولا بد من قراءة المشهد السوري الدقيق بوجهه الحقيقي، وأن يروا بأن المكونات والشعوب الموجودة في الشمال السوري هم أكثر من درسوا واقع الحل وساعدوا في الحفاظ على الوحدة الوطنية والجغرافية في سوريا، وهذه التصريحات في هذا الوقت بالذات لا تخدم السوريين ولا الدور الروسي في سوريا وهي تأتي بمثابة تشويه للحقائق الموجودة على الأرض في الشمال السوري.
أما بالنسبة لتصريحات أردوغان وحديثه عن الإرهاب في الشمال السوري كما يدعي فأولاً الاتفاق بين اردوغان في سوتشي مع بوتين سواءً تم هذا الاتفاق أو لم يتم، فلنتحدث عن المرحلة التي يمكن أن يتم فيه الاتفاق على سبيل المثال حيث أن هذا الاتفاق إن تم فهو دليل على أن ادروغان وتركيا هم من يديرون المجموعات الإرهابية المتواجدة في إدلب ليس منذ الآن وانما منذ بداية الأزمة السورية. وإن لم يتم هذا الاتفاق فهو غوص تركيا في مستنقع سوريا بشكل أكبر لأنها ستكون في المواجهة المباشرة مع المجموعات الإرهابية في كل من إدلب وما حولها، وعلى وجه الخصوص الحزب التركستاني وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة، وهؤلاء الذين يرفضون حتى الآن تسليم السلاح أو الدخول في تفاهم مع النظام حول اقامة منطقة منزوعة السلاح كما ورد في الاتفاق الذي عقد في سوتشي، وهذه المنطقة التي تضم منطقة فصل بين قوات المعارضة كما سماها اردوغان، ومن ناحية اخرى يريد اردوغان التشويش على الرأي العام الموجود في تركيا وسوريا من خلال صرف النظر عن قيامه بلعب ممثل الإرهابيين الموجودين في إدلب والتفاوض باسمهم مع روسيا، اردوغان يريد أيضا ان يشوه ـ كما يحاول الروس ـ حقيقة الواقع الموجود في الشمال السوري، من خلال اطلاق تصريحات لا أساس لها من الصحة وهي تفتقد إلى المصداقية والواقعية.
كما أن اردوغان يريد أن يغطي علاقته مع الإرهاب وتأثيره غير المحدد على الجماعات الموجودة في مناطق إدلب وما حولها الآن عفرين والباب وجرابلس وإعزاز المحتلة من قبله، لذلك اردوغان من خلال تصريحاته يريد أن يقوم بعملية اخرى ينقذ فيها الارهابيين كما أنقذ داعش عام 2016 عندما قام باستقبال من فرّ من “داعش” وترك ساحات المواجهة مع قوات سوريا الديمقراطية، وكانت وجهتهم الهرب إلى تركيا، حيث قام اردوغان بإعادة تنظيمهم في تنظيم واسم جديد فيما يسمى بدرع الفرات، وقام باحتلال جرابلس ومن ثم الباب واعزاز وما حولها تحت هذا المسمى، وبالمسمى ذاته الذي قام بالهجوم على عفرين واحتلالها. اردوغان يحاول بسياساته هذه أن يوسع من نفوذه في المنطقة ويحاول بذلك التغطية على علاقته مع الإرهاب والسعي لإنقاذ ما تبقى من الفصائل الإرهابية وبخاصة بعد دحر مرتزقة داعش على يد قوات سوريا الديمقراطية والقوى المقاومة في الشمال السوري، وكذلك يريد التغطية على سياساته التي يقوم بها في عفرين سياسة الابادة والقتل والخطف والسيطرة على المزارع والمنازل وتدمير الآثار في محاولة لإمحاء معالم المدينة، اردوغان يحاول من خلال هذه الخطوات التغطية على كل ما يحدث من أحداث في الإطار نفسه بالمنطقة.
بالعودة إلى التصريحات التي صدرت عن وزير الخارجية الروسي فيما يخص الحديث عن منطقة شرق الفرات بأنها تشكل تهديداً على الوحدة السورية، لا بد من تناول هذه التصريحات من عدة جوانب، فروسيا حينما تقوم بتصريح من هذا النوع وفي هذا التوقيت بالذات وبخاصة بعد الاتفاق الذي تم في سوتشي بين بوتين واردوغان فلا بد أن يكون له دلالات ويفهم منه بأنه ليس تصريحا عبثيا من ناحية، ومن الناحية الأخرى قد نكون إلى حد ما أمام صفقة جديدة بين روسيا وتركيا تكون مشابهة لما تم في عفرين، وهذا خطر يدل على أن روسيا حتى الآن لا تبحث عن حلول جدية، وهي تهدد بشكل فعلي الوحدة الوطنية ووحدة الأراضي السورية.
وكان على روسيا أن تفكر جدياً قبل الإدلاء بمثل هذه التصاريح لأنها هي من تعاملت مع قوات سوريا الديمقراطية في الكثير من الجبهات والنقاط ضدّ داعش، وهي من قامت بزيارات رسمية إلى قامشلو واستلمت مواطنين شيشانين كانوا يعملون ضمن صفوف مرتزقة داعش. وهي من قامت بدعوة الارادة السياسية في شمال وشرق سوريا إلى مؤتمر سوتشي في الشهر الثاني من العام 2018 الجاري، وهي ذاتها من تريد الحفاظ على العلاقة او إقامة قنوات اتصال دائمة مع القوى السياسية والعسكرية الموجودة في شمال سوريا، ولكن عندما تقوم بإطلاق تصريحات كهذه؛ فأن الأمر يعني بأن هناك تناقض كبير وازدواجية في السياسة الروسية من جهة، ومن جهة أخرى نكون أمام مرحلة جديدة وهذه التصريحات هي البداية لتكون هناك صفقات جديدة بين تركيا وروسيا.
No Result
View All Result