No Result
View All Result
المشاهدات 0
الكاتب سالم الكتبي بحث في سياسة أردوغان الرامية إلى بسط نفوذه في مناطق ليست تركيّة واحتلالها، ومن خلال هذه السياسة يظهر طابع دولته الاستعمارية، والكثير من النقاط كشف الستار عنها وباتت واضحة بأن تركيا تحاول أن يكون لها حكم ذاتي في فعل ما ترغب به دون تدخّلات خارجية.
بدأ سالم مقاله بما قرأه في عدة وسائل إعلامية حول خطة الفاشي أردوغان بالعودة إلى ما كانت تفعله الدولة العثمانية في احتلال الكثير من المناطق “قرأت مؤخرًا تقريرًا نشره موقع “روسيا اليوم” حول محتوى مقال لكاتب يدعي ألكسندر سامسونوف تناول فيه خطوات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لبناء مشروعه الإمبراطوري ونجاحاته على حساب روسيا وغيرها، ويقول الكاتب في مقاله إنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، بدأت تركيا تدريجيًا في بناء سياسة عسكرية وسياسية واقتصادية جديدة في المناطق التي كانت في السابق جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، في البلقان والشرق الأوسط والقوقاز، وهذه العملية ملحوظة بشكل خاص في ظل حكم أردوغان.
واللافت في هذا المقال أنه تطرّق إلى نقطة ربما لم يلتفت إليها الباحثون وهي بدايات خطة أردوغان الحالية تاريخيًا، والتي يرى الكاتب أنها بدأت منذ انهيار الحقبة السوفيتية، وتلك مسألة تستحق البحث والنقاش من الباحثين، باعتبار أن مجمل ما يدور حاليًا يدور حول تحولات شهدتها السنوات الأخيرة فقط من حكم أردوغان وتحديدًا منذ انهيار طموحاته الشخصية ورهانه على سيطرة تنظيم الإخوان المسلمين على الحكم في الدول العربية”.
يبرز الكاتب موقفه الحيادي جرّاء ما يحصل وما كتبه داود أوغلو كان كاشفاً لتطلعات دولة الاحتلال التركي فيقول: “لست منحازًا هنا لرؤية الكاتب بشأن بدايات المشروع التركي، ولكنني أرى في طرحه وجاهة تستحق النقاش لأن المشروع التغلغلي التركي الذي اكتسى في بداياته ولسنوات طويلة وجهًا ناعمًا تطبيقًا للرؤية الاستراتيجية التي صاغها وزير الخارجية السابق أحمد داود أوغلو، والمعروفة بسياسة “تصفير المشاكل”، والتي سبقها ما يشبه الغزو التركي اعتمادًا على الدراما والفنون والثقافات للمحيط العربي والإسلامي. هذه الرؤية لم تكن سوى ترجمة لفكر أوغلو الذي تناوله في كتابه “العمق الاستراتيجي: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية” وهو كتاب لم ينل حقه من القراءة والاهتمام من النخب العربية، لكونه يكشف بوضوح تطلعات الجار التركي ونظرته للدول المحيطة، حيث أشار أوغلو في هذا الكتاب إلى أن دور تركيا لا يكمن في علاقتها مع القوى الغربية وحلف الناتو فقط، بل يمتد بشكل وثيق إلى الدول التي كانت تعد جزءً من الدولة العثمانية حتى وقت قريب”.
يشير الكتبي إلى المغزى من كتاب أوغلو الذي هو بالأساس هندسة لأطماع أردوغانية: “صحيح أن الكتاب لا يتناول صراحة عودة الدول التي كانت تشكل جزءً من الإمبراطورية العثمانية إلى تركيا ولكنه يتحدث عن أسس لاستعادة نفوذ تركيا في هذه الدول وكيفية جعلها دولة مركزية مهيمنة في مجالها الحيوي، وهذا الكتاب الذي لم يترجم للعربية سوى بعد نحو عشر سنوات من تأليفه هو باعتقادي الأساس الذي “هندس” أطماع أردوغان الإقليمية. أوغلو أراد أن يستعيد الهيمنة بالقوة الناعمة وتصفير المشاكل، وكان يرى أن البيئة الدولية التي كشفت عنها نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي السابق تمثل فرصة تاريخية لقيام نظام عالمي جديد، يمكن أن تلعب فيه تركيا دورًا دوليًا أقوى وتحتل مكانة أكبر، ويتنبه إلى أن قوة بلاده في الخارج تأتي بعد حل معضلاتها في الداخل، وأهمها أزمة الهويات المتصارعة وبناء اقتصاد قوي ومتماسك.
المعنى أن أوغلو أراد إحياء الاحلام العثمانية بصبغة سياسية جديدة من خلال نموذج تركي جديد ولكن أروغان استغل فكرته ولم يسعفه صبره وميله للاستبداد والديكتاتورية في انتظار النتائج التي يمكن أن تأتي بها القوة الناعمة فلجأ إلى اقصاء المهندس (أوغلو) ونظريته وفكرته واستعان بالقوة الخشنة مباشرة لعلها تفلح في تسريع وتيرة تحقيق الأطماع، فهو لا يعترف بتبادل المصالح واعلاء مبدأ التعاون المشترك بديلًا للصراع والمخاصمة، بل يفضل الهيمنة ويحلم باعتلاء كرسي السلطنة من دون أن يدرى أن ما يمكن أن يحققه بالتعاون لا يتحقق مطلقًا بالقوة والصراع وافتعال الأزمات وإشعال الحرائق وتصدير الإرهاب”.
ويضيف الكاتب إلى مقاله ما جرى في قمة الناتو أثناء الاحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس الحلف وكيف ظهر أردوغان وكشف الستار عن تطلعاته والتي باتت واضحة تلخصت في أن تركيا تريد أن ينظر إليها كقوة عالمية ذات حكم ذاتي، أي قادرة على القيام بما تريد من دون تنسيق مع حلفاء.
وما لفت إليه الكاتب في مقاله هو أن رغبة تركيا في مد نفوذ أكبر لها في دول الجوار ليس أمرا جديدا، لكن سعيها الجريء نحو تحقيق ذلك هو الأمر الجديد، وينسب لدبلوماسي أوروبي قوله “يبدو أن تركيا تزداد عدوانية أكثر فأكثر”، وبحسب “فايننشال تايمز”، فإن أنقرة كانت تأمل أن تساعد تدخلاتها في عقب أحداث عام 2011 في استعادة نفوذها في أجزاء من الإمبراطورية العثمانية السابقة، لكن المقامرة “فشلت”، إذ جاءت روسيا لإنقاذ النظام السوري، وأطاح الشعب المصري بحكم الاخوان المسلمين الموالي له.
واختتم الكاتب سالم الكتبي مقاله بأن تحولات السياسة التركية في عهد أردوغان باتت تأخذ نصيبًا أكبر من الدراسة والبحث والتحليل لأنها باتت تكتسي طابعًا عدوانيًا استعماريًا غير مألوف في العلاقات الدولية في الوقت الراهن، وهذا الأمر تسبب في إرباك كبير لعوامل ومقومات الأمن والاستقرار في المنطقة الشرق أوسطية والعالم.
No Result
View All Result