بعد وصول حزب العدالة والتنمية الإخواني إلى الحكم في تركيا بمساعدة ودعم من قوى الهيمنة العالمية، وبعد مسار تدريجي بدأ من الثمانينات، لتحقيق بعض الترتيبات الجديدة في المشهد الإقليمي، وفق مصالح الدول المركزية في النظام العالمي، واستمرار هيمنتهم ونهبهم، تسارعت وتيرة دعم السلطات التركيّة واحتضانها لجماعات الإسلام السياسي وأفرعها المختلفة، في الدول العربية والعالم، بما فيها الموضوعة على قوائم الإرهاب لمجلس الأمن الدولي، وأصبحت تركيا أحد أهم محطات التطرف والتكفير في المنطقة والعالم، وحتى أن التنظيم الدولي أصبح بين “مجموعة إسطنبول” و”جبهة لندن”.
ومع أحداث العقد الأخير، وبحث الشعوب عن الحلول للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية العالقة، والقضايا المتراكم منذ عقود والناتجة عن غياب الديمقراطية واستمرار التدخّلات الخارجية في شؤون الدول وشعوب المنطقة، ومع حالة الفوضى والضعف التي أصابت الهياكل الأمنية والعسكرية لبعض دول المنطقة، حاولت السلطات التركيّة احتضان واحتواء العديد من الجماعات والتنظيمات المتطرفة، إضافةً لبعض جماعات المعارضة من دول المنطقة أيضاً، لتكون مع حركات الإخوان وتحت سطوتها وفي هياكلها المُشكلة والمدعومة من تركيا، لتكون في خدمة الأجندات التركيّة الطورانية القومية ومشروع حزب العدالة والتنمية “العثمانية الجديدة” كأوراق ضغط ووسائل عند اللزوم.
من دول المنطقة في الشرق الأوسط إلى البلقان والقوقاز والمنطقة الرخوة في الخاصرة الروسيّة في شرقها وجنوبها ومن شرق أفريقيا إلى غربها ودول الساحل والشمال الأفريقي إلى الدول الأوروبية، تعددت نوعية التواصل وشبكات العمل بين الاستخبارات التركية وشركة السادات وجماعات التكفير والإرهاب من حركة الشباب إلى بوكو حرام إلى فروع التنظيم والجماعات في شمال أفريقيا إلى داعش خرسان، بما فيها المؤسسات التركية التي تدّعي أنها تعمل لأجل العمل الإنساني، مثل TIK ,IHH وكذلك مؤسسة الشؤون الدينية التي تزيد ميزانيتها عن ست وزارات؛ لأنها مكلفة بأعمال في السياق الذي نتحدث فيه في داخل وخارج تركيا، ناهيك عن أكاديميات وبرامج التدريب التي تؤمنها في داخل تركيا وفي قواعدها حول العالم لجماعات التطرف.
معروف أن تركيا لم تنضم للتحالف الدولي لمحاربة داعش عند تشكيله وثم عندما رأت أنها ستكون في مرمى الاتهام والاستهداف انضمت لتكون غير بعيدة عن المشهد التفاعلي والمعادلات الإقليمية والدولية ولتحمي مصالحها وكذلك لتتستر على علاقاتها المشبوهة والواضحة مع جماعات وتنظيمات التطرف، وحتى اليوم كل إعلانات تركيا إجراءات ضد داعش هي إعلامية للتمويه والتضليل.
كل بيانات الإرهاب الدولية السنوية الصادرة في العقد الأخير ومن مختلف الدول والمراكز العالمية العلمية والأكاديمية والاستخباراتية وكذلك السياسية والدبلوماسية وكذلك كل العقوبات والاستهدافات الدولية والإقليمية والتي تستهدف تنظيمات التطرف والإرهاب وأشخاصه لا بد أن يكون في ذكر لكيانات ومؤسسات وشركات وشخصيات إما متواجدة في تركيا أو أن لها علاقات مع السلطات التركية وحزب العدالة والتنمية. ناهيك عن أن مناطق الاحتلال التركي وخاصةً في شمال سوريا هي بؤر للإرهاب ومناطق آمنة لقيادات داعش وكذلك القاعدة وغيرها. ولكن؛ لأسباب معينة يتم تجاوز علاقة تركيا واحتضانها واستخدامها لهذه الجماعات، أو ربما يتم رصد وتوثيق العلاقة إلى أن يكون هناك ظروف مناسبة لمواجهة السلطات التركية وحزب العدالة والتنمية بهذه التفاعلات الخبيثة والجرائم بحق شعوب ودول المنطقة والعالم وأمنهم واستقرارهم.
رغم القضاء على داعش جغرافياً في العراق وسوريا، بفضل تضحيات الشعب الكردي والشعوب والمكونات الأخرى معه، وبالتعاون مع التحالف الدولي في عاصمته المزعومة في مدينة الرقة السوريّة وفي آخر معاقله في بلدة الباغوز في شرق سوريا، إلا أن داعش وخلاياه وعناصره المسجونين مازالوا يشكلون خطراً حقيقياً وتهديداً كبيراً على الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وذلك لأسباب عديدة، منها أن هناك دول وعلى رأسهم تركيا مازالت تدعم هذه الجماعات، وتقدم لها المال والسلاح والتدريب والدعم الاستخباراتي، وكل عملياتها ضد الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا وتخريبها وتدميرها للبنية التحتية هي مساعدة لداعش وانتقام وإضعاف الجبهة المضادة والمكافحة لداعش نيابة عن شعوب ودول المنطقة والعالم؛ قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية.