سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

السرقات الأدبيّة… تاريخ طويل مع هذه الظاهرة

عبدالوهاب بيراني –

السرقات الأدبية معروفة في تاريخ الأدب، وكما للبنوك لصوص يتقنون فتح شيفرات الخزائن فهناك من يتقن عمليات فك شيفرة القصائد وتبييضها كما تُبيّض الأموال المنهوبة.
لسرقة المال أسبابها، قد تكون من فقر ذات اليد والحاجة ولا أبررها تحت أي مسمى؛ ولا أعتقد أن ثمة أسباباً نبيلة تدعو لسرقة أموال الغير، أما السرقة الأدبية فأسبابها لا تُغتفر أبداً، ما هو المبرر السلوكي والنفسي وخاصة إذا كانت المادة المسروقة ثمة نص شعري لا يباع بمال أو يشترى فهو ليس سيناريو تلفزيوني ليدخل خانة سرقة المال وليس الأدب، فالسيناريو يباع كأية بضاعة، أما سرقة الشعر!
فهناك سببين أحدهما نفسي مع شرط سابق الإصرار والترصد والذي يأتي بدافع الإعجاب والانبهار الزائد بها، والذي كما برره نزار قباني حينما لجأ إلى سرقة نص مكتوب باللغة الفرنسية بشكل كامل لا جزئي، كما يفعل الأغلب من اللصوص بهذا المجال ومن ثم ترجمه للعربية وبأسلوبه الخاص ونسبه إلى نفسه والذي تحوّل إلى أغنية مشهورة غنتها الفنانة ماجدة الرومي (رجل الجريدة) قال نزار: بعد افتضاح أمره أنه وجدها وكأنها له. وقال وجدتها بكل ذاك الجمال فترجمتها وزينتها بروحي وأصبحت لي ولن أتنازل عنها  وأوردها في ديوانه.
وكان صاحب القصيدة شاباً فرنسياً مغموراً لم تكتب له الشهرة ولم يحرك ساكناً سوى أن الصحافة آنذاك ضجت بالخبر ولكن غنى نزار الشعري لم يسقطه بسبب تلك الهفوة وربما فعلها مرات ومرات هو أو غيره.
والسبب الثاني هو فقر قريحة مُدعي الشعر وتطفله على النتاجات الإبداعية للغير وادعائه الشاعرية وهو بالأساس مركب من عقدة نقص مجتمعية، وأعتقد أن جذور هذه الحالة نفسية أيضاً. وهناك من سرق نزار جملة وتفصيلاً، هو أكثر شاعر تعرضت نصوصه للسرقة أيضاً، أسلوباً وكلمات ومفردات وجمل وصور شعرية، كما تعرض أدب وقصائد الشاعر الكردي جكر خوين للنهب والسطو كردياً، وظهرت أساليب لصوصية تعتمد على سرقة نصوص مترجمة من آداب أجنبية من إفريقيا واليابان وأثيوبيا وأستراليا وكردستان.
غالباً يختار اللصوص نصوص أجنبية بعيدة عن متناول القرّاء، كانوا يسرقون من مجلات شعر إفريقية بلغتها الأصلية مع أعمال الترجمة وبعض التحوير أو من دواوين قديمة أو جرائد قديمة جداً، وحالياً باتت صفحات التواصل مرتعاً لقناصي الفرص واللصوص؛ بالإضافة إلى أن محركات البحث كغوغل قادرة على نبش النصوص الأصلية وتواريخ نشرها وضبط اللصوص بجرمهم المشهود.
أن النصوص المنهوبة تكون عالية التقنية إبداعية تملك إغراء يدعو الغير ممن يبحث عن جماليات محددة أن يقتنصها، وهو ما يحصل مع لصوص الأموال والمجوهرات والتحف الفنية.