الإمبراطورية “الساسانية” يقال عنها باللغة الفارسية: “شاهنشاهي ساساني”، وقد استعمل هذا الاسم للإمبراطورية الفارسية الثانية، التي سادت في الفترة (226=661)، وتشير المصادر التاريخية إلى أن تسمية “الساسانيين” تعود إلى الكاهن الزرادشتي “ساسان”، وهو الجد الأول لملوك الساسانيين “أردشير الأول”.
كان لهذه السلالة أثر واضح على بلاد المشرق، وجد هذه السلالة الإيرانية هو “ساسان” كما نوهنا، كان من الكهنة الذين يخدمون في معبد الربة “أناخيتا” في مقاطعه “أسطخر”، وجاء من بعده ابنه “باباك” حيث أصبح أيضاً كاهناً وورث عنه مسؤولياته الدينية. والملك “أردشير” هو المؤسس الأول لهذه الإمبراطورية وهو الذي أخضع الأمراء المحليين، ووحد أراضي الإمبراطورية، ثم أنه دخل في حرب مع “أرتيان الخامس”، ملك “البارثيين”، حيث أنه انتصر عليه في معارك ثلاثة وفي النهاية قتله سنة/224/م. وبعد سنتين من هذا التاريخ توج ملكاً في “ستيزيفون” حيث أصبح سيد الإمبراطورية البارثية.
بقي الساسانيون أسياد “إيران” مدة تجاوزت أربعة قرون ميلادية، ثم استمروا في قتالهم بعد البارثيين ضد الدولتين الرومانية والبيزنطية.. في أوائل القرن السابع الميلادي سادت الفوضى في قلب الإمبراطورية الساسانية وفي معركة “نهاون” انتصر المسلمون على آخر ملوكهم “يزدجرد الثالث” الذي قتل سنة /651/م وأصبحت “إيران” خاضعة لحكم الدولة الإسلامية حيث أنها اعتنقت الدين الإسلامي، والساسانيون كانوا يمثلون الرد الوطني الإيراني على المؤثرات الغربية، حيث أنهم وقفوا ضد البارثيين؛ لأنهم دخلاء وعدوا أنفسهم هم ورثة “الإخمينيين”.
من الناحية الحضارية ترك الساسانيون إرثاً حضارياً عظيماً تمثل في الآثار الهندسية المعمارية المشيدة من الحجارة المقصبة، التي بدت معالمها في القصور العظيمة وفي معابد النار والحصون والسدود، وكذلك القباب ذات التصميم الهندسي المربع والقباب السريرية التي تتفاخر بها قصور ملوك ساسان، وهذه القصور كانت مؤلفة من غرف استقبال تحيط بالإيوان ومن فسحات متعددة تتفرع عنها الغرف المعدة للنوم والمبيت، ومثل هذا التصميم الرائع والبديع نجده في قصور “فيروز أباد” و”بيشابور” وقصر “الشبرين”.
الى جانب هذا التصميم الهندسي المميز في العمارة الساسانية فقد كانت منحوتاتهم من الصخور بكل أنواعها تتمحور حول ملك البلاد كشخص رئيسي ومركزي ذي أهمية كبيرة، وقد تم العثور على بعض هذه المنحوتات في “فيروز أباد” ونقش “الرستم” ونقش “الرجب” و”بيشابور”.
الحقيقة، أنه لم يبق من آثار للساسانين تدل على ثراء ملوك ساسان ومجدهم نتيجة الحروب بينهم وبين الرومان والبيزنطيين، لكن ما تبقى وعثر عليه تكفي لإعطاء صورة جيدة وهي كافية وحدها لأن تزيد الإعجاب والروعة بقدرة الفن الفارسي على الثبات والبقاء من عهد العظيم “داريوس الأكبر” و”إصطخر” حتى عهد الشاه “عباس الصفوي” و”أصفهان”، وبقدرة هذا الفن عل التكيف مع البيئة والمحيط.