تتناسب الرطوبة الجوية طرداً مع كثافة الغطاء النباتي (الغطاء الأخضر) في منطقة ما، وهذا الغطاء يساعد في تلطيف المناخ لهذه المنطقة وذلك بمنعه الإشعاع الشمسي من الاتصال المباشر مع سطح التربة، وكذلك يعمل على تكثيف بخار الماء في الهواء، وهذا ما يُفسر الاهتمام المتزايد بمشاريع التشجير وزيادة المساحات الخضراء في المدن والتجمعات السكانية الأخرى.
ولكن مشاريع التشجير لا يمكن تطبيقها على الأراضي الزراعية التي تُستخدم لإنتاج محاصيل غذائية أساسية للاستهلاك اليومي للإنسان، ولتجنب بقاء الأراضي الزراعية مكشوفة خلال الأشهر الحارة في مناطقنا يجب القيام بزراعة المحاصيل الصيفية والتي ستساهم في تلطيف الجو بالإضافة للعائد الاقتصادي وتلبية احتياجات السوق المحلية من الخضروات وتقليل تكاليف النقل والتخزين التي ترفع من سعر المادة والتي ستضاف على القيمة النهائية التي تُباع بها للمستهلك مما يُزيد من أعباء المستهلك المتهالك أصلاً!
وكما نعلم أن اعتماد الزراعة الصيفية الأساسي في الري هو على آبار المياه الجوفية، وبسبب كلفة التشغيل المرتفعة وعدم توفّر الوقود بالكميات والأسعار المناسبة وارتفاع تكاليف الإنتاج بشكلٍ نستطيع وصفه بالكبير وغيره من العوامل الثانوية المتراكمة، كل هذه الأسباب مجتمعة جعلت قسم كبير من الفلاحين والمزارعين عدم اللجوء إلى الزراعة والاستثمار في المحاصيل الصيفية سواءً الخضروات أو الأقطان وغيرها من المحاصيل التي تزرع بمساحات محدودة وصغيرة في السابق.
لذلك؛ نلاحظ التأثير الكبير لارتفاع درجات الحرارة صيفاً في مناطقنا وذلك بسبب الغياب شبه التام للمحاصيل الصيفية، لذا لا يجب أن نُركز جهودنا على التشجير فقط ولاسيما أن عمليات التشجير التي تقوم بها بعض المؤسسات والجمعيات الأهلية (وهذا بالطبع عن عدم دراية منها) تستخدم فيها أنواع الأشجار الحراجية بشكلٍ أساسي وتحديداً السرو والصنوبر وهذه الأنواع ترفع من درجة حموضة التربة كلما تقدّم زمن مكوثها في الأرض مما يؤدي لتدهور المناطق الزراعية على المدى المتوسط التي تُقام عليها مثل هكذا مشاريع.
فالحل المناسب بل الحل الأنسب هو دعم الزراعة الصيفية وفق خطة زراعية جادة وحقيقية للاستفادة المزدوجة من هذه الزراعة بيئياً واقتصادياً، مثل تأمين مستلزمات الإنتاج بأسعار مدروسة وبكميات كافية وخاصةً الوقود اللازم لتشغيل مضخات المياه، أو تأمين مصادر طاقة بديلة أو تأمين الطاقة الكهربائية لتشغيل هذه المشاريع التي ستكون ذات فائدة كبيرة تعود بالنفع على الجميع بشر وبيئة.
