تشهد مناطق ريف حلب الشمالي، منذ حوالي شهر، نقصاً حاداً في الأدوية وارتفاع أسعارها، بالإضافة لفقدان العشرات من أصنافها، وسط اتهامات من قِبل صيادلة وهيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية في المنطقة لمستودعات الأدوية في مدينة حلب باحتكارها.
شكاوي أهالي المنطقة تزداد يوماً بعد يوماً حول نقص الأدوية وارتفاع أسعارها في ظل الظروف الراهنة بريف حلب الشمالي. أسئلة تطرح للمسؤولين وأجوبة ترد من قبل المعنيين موضوع مهم تداولته وكالة نورث بريس في تقاريرها.
اشتكت ليلى حسو (42 عاماً)، وهي مهجرة من منطقة عفرين وتقطن في بلدة “فافين” بريف حلب الشمالي، إن سعر دواء ارتفاع ضغط الدم الذي تحتاجه ارتفع إلى ثلاثة أضعاف، وقالت لوكالة “نورث برس”: “كنت أشتريه بمبلغ /400/ ليرة، أصبح يباع الآن بـ/1200/ ليرة، هذا في حال توفر”.
وأضافت أن الأدوية ليست كباقي المواد التي يمكن للإنسان الاستغناء عنها فترة من الزمن وسط تفاقم الظروف الاقتصادية، ونوهت بالقول: “أنا مهجرة ولا أملك مصدراً للرزق، كيف لي أن أشتري علبة الدواء كل عشرين يوماً بمبلغ /1200/؟”.
“باهظ الثمن ولا أستطيع تأمين ثمنه”
ولا يختلف حال كمال عبدو ( 44عاماً)، الذي يسكن في البلدة نفسها، عن سابقته، فهو يبحث منذ شهر عن دواء لقصور الغدة في صيدليات ريف حلب الشمالي لكن دون جدوى، وقال: “كنت أشتري دواء للغدة من الإنتاج الوطني بسعر /1300/ ليرة، إلا أنه مفقود منذ مدة وأضطر إلى شراء صنف بديل من مصدر أجنبي”.
ويقول إنه يشتري العلبة الواحدة من النوع الأجنبي بسعر /27/ ألف ليرة سورية، وأضاف: “إنه باهظ الثمن ولا أستطيع تأمين ثمنه بشكل مستمر”.
ويطالب “عبدو”، كغيره من مهجري منطقة عفرين قسراً القاطنين في مخيمات وقرى وبلدات بريف حلب الشمالي، هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية في المنطقة بإيجاد حل لهذه “الأزمة”.
“إننا أمام كارثة إنسانية”
وقال الصيدلاني شيرو حسين، إن الأدوية لم تدخل إلى ريف حلب الشمالي منذ شهر لأن مستودعات الأدوية في مدينة حلب تقوم باحتكارها بهدف بيعها بأسعار أعلى، “وإذا لم يتم تزويدنا بالأدوية بأقرب وقت، فإننا أمام كارثة إنسانية”.
وأضاف: “نعاني من نقص حاد في أدوية الأمراض المزمنة كالقلب والضغط والسكر والمضادات الحيوية، وهي أدوية ضرورية وأي نقص فيها قد يودي بحياة العديد من الناس هنا”.
ويقوم بعض مندوبي مستودعات الأدوية بعرض الأدوية “بسعر حر يبلغ السعر الذي يباع للمريض”، ما يتسبب بعزوف الصيادلة عن شرائها لعدم تمكنهم من إضافة أرباحهم، بحسب ما أوضحه الصيدلاني “حسين”.
وناشد حسين أصحاب مستودعات ومعامل الأدوية في مدينة حلب بتزويد المنطقة بالأدوية، “وعدم التفكير بمنطق تجاري باحتكار الدواء”.
من جانبها، قالت الرئيسة المشاركة لهيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية بريف حلب الشمالي، هيفين حسين، لـ”نورث برس”، إنهم يعملون حالياً على فتح مستودع مركزي للأدوية في المنطقة.
إلا أنها أشارت إلى صعوبات في ظل عدم اهتمام الحكومة السورية بمنطقة ريف حلب الشمالي، وأردفت: “افتتاح مستودع أدوية يتطلب ترخيصاً رسمياً من الحكومة السورية، بالإضافة لإشراف لجان رقابية تابعة لمديرية الصحة بحلب”.
“الدواء يُشترى بفئة الدولار”
أما عن ارتفاع أسعار الأدوية الأجنبية، قالت “هيفين حسين” إنهم لا يستطيعون “التحكم بضبط أسعارها لدى الصيدليات، لأن الدواء يُشترى بفئة الدولار”.
هذا ويقوم مشفى “أفرين” بريف حلب الشمالي بتوزيع الأدوية المتوفرة في المشفى بشكل مجاني للمرضى، حيث يمتلك المرضى بطاقة صحية ممنوحة من قبل هيئة الصحة، بحسب هيفين، “لكن هناك نقصاً في كمياتها، كما أنها لن تدوم طويلاً في حال استمرت مستودعات الأدوية بحلب باحتكارها”.
كما توجد في ريف حلب الشمالي ثلاث منظمات محلية تعمل من خلال نقاطها وعياداتها المتنقلة في المنطقة على معاينة المرضى دون تقديم الأدوية لهم، “المنظمات لا توزع الأدوية على المرضى، نحاول التواصل معها لتوزيع الأدوية وعدم الاكتفاء بالمعاينات”، بحسب هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية بريف حلب الشمالي.