سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الحسكة تنال “حصة الأسد” من ارتفاع أسعار الخضار… ولا مؤونة للشتاء القادم

الحسكة/ محمد حمود –

يرزح أبناء إقليم شمال وشرق سوريا تحت حصار خانق؛ جعل أسعار الخضار مُرتفعة رغم كثافة طرح المادة المعتاد في هذا الوقت من العام؛ الأمر الذي حرم أو يكاد العوائل من تخزين مؤونة الشتاء؛ فيما كان لمدينة الحسكة حصة الأسد من هذا الضرر البالغ.
في ظل ظروف اقتصادية صعبة تمر بها سوريا؛ تعاني مناطق إقليم شمال وشرق سوريا من حصار اقتصادي خانق؛ نتيجة الموقف الذي اتخذته شعوب المنطقة في أعقاب ثورة التاسع عشر من تموز عام 2012؛ بالسير في طريق الخط الثالث؛ بعيداً عن الاصطفاف في هذا الطرف أو ذاك.
تداعيات الحصار
ويتمثل الحصار المضروب لأبناء إقليم شمال وشرق سوريا بثلاث جهات؛ أولها دولة الاحتلال التركي التي تسعى جاهدةً لإجهاض المشروع الديمقراطي في الإقليم، وثانيها الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يضيّق خناقه على الكرد في باشور كردستان؛ كما يتبع خطى الاحتلال التركي عبر السير في درب الخيانة؛ وذلك من خلال محاربة حركة التحرر الكردستانية، أما ثالث هذه الجهات؛ فهي حكومة دمشق التي ما فتئت تحاول إعادة الأمور في البلاد إلى ما قبل العام 2011؛ من خلال قبضة أمنية مشددة وسلطة مركزية لا تصغي لمطالب السوريين في الحرية والديمقراطية.
انعكاس الحصار؛ آنف الذكر، طال كافة متطلبات الحياة في الإقليم؛ سواءً دقت هذه المتطلبات أو كبرت، ولعل أبرزها الحاجيات التموينية التي ترتبط بالجانب الاقتصادي للأسر السوريّة عامةً؛ والأسر في إقليم شمال وشرق سوريا على وجه الخصوص؛ ولعل الأمر يبرز على وجه الخصوص من خلال الشراء اليومي لأبرز هذه الحاجيات؛ والحديث هنا عن الخضار في المقام الأول، ثم الفواكه التي اختفت من موائد السوريين قاطبةً في مقام لاحق.
في مدينة الحسكة الواقعة في مقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا؛ لا تكاد ترى أبسط مقومات الحياة تتوفر إلا بشق الأنفس؛ نتيجة العديد من العوامل التي لا يتسع المقام لذكرها؛ من الماء إلى الثلج “البوز”.. وليس انتهاءً بالخضار. وهنا نتوقف لبرهة لنسرد قائمة مصغرة لبعض أسعار الخضار بالحد المتوسط الذي تجده في هذا الحي أو ذاك؛ واضرب صفحاً عن بعض المحال في الشوارع الرئيسة ومراكز المدينة الحيوية؛ والتي لن نقيس عليها.
أسعار الخضروات في الحسكة
كيلو البندورة تسعة آلاف، الخيار خمسة آلاف، البطاطا تسعة آلاف، الباميا 15 ألف، الجبس (البطيخ الأحمر) خمسة آلاف، الباذنجان ستة آلاف، الثوم 40 ألف، البصل 10 آلاف، الفليفلة الحمراء 20 ألف، العنب 15 ألف، التفاح 15 ألف، الموز 20 ألف، الكرز 15 ألف، الخوخ 12 ألف.
من القائمة السابقة يتضح أن الأسعار مرتفعة؛ مقارنةً بعدة عوامل؛ أبرزها التوقيت ذاته مع العام الماضي؛ وكذلك انتصاف فصل الصيف؛ حيث تكثر الخضار، وقد اعتاد السوريون على انخفاض الخضار لتصبح “بالمي” كما تقول اللهجة المحكية؛ إلا أن ارتفاع سعر الماء في هذه المدينة المنكوبة وفق التصنيفات المعتمدة جعل الخضار “بالمي” أي؛ مساوية لسعر الماء؛ فعلاً لا قولاً.
دعوات لكبح جماح الأسعار
المواطن “قدور الصوفي” وهو بائع خضار في محله بأحد أحياء المدينة، عزى هذا الارتفاع إلى عوامل عديدة؛ وأولها الحصار المفروض على المنطقة؛ ناهيك عن الإتاوات التي تفرضها سلطات حكومة دمشق على شحنات الخضار، ناهيك عن كافة المواد الداخلة إلى إقليم شمال وشرق سوريا.
ويضيف قدور مستنكراً: “ألسنا سوريين؛ هل نحن في بلد آخر حتى يتم فرض غرامات باهظة على المواد الداخلة إلى الإقليم من قبل حكومة دمشق؛ لاسيما على قوت الناس الأساسي المتمثل بالخضار وعموم المواد الاستهلاكية؟!”.
قدور اشتكى، كذلك، من جشع التجار؛ وتلاعبهم الدائم بالأسعار؛ موجهاً اللوم إلى المؤسسات المعنية بضبط الأسعار؛ لاسيما بلدية الشعب؛ ولجان ومكاتب الضابطة التموينية فيها؛ إضافةً إلى دائرة التموين في المقاطعة. ودعا المواطن قدور الصوفي في ختام حديثه هذه المؤسسات إلى لعب دورها “والوقوف إلى جانب المواطن” من خلال لجم التجار الجشعين؛ لكبح جماح الأسعار الآخذة بالارتفاع المضطرد.
الاستغراب من ارتفاع أسعار الخضروات بهذا الوقت
أما المواطنة “انتصار العناز”؛ فأشارت إلى أنها حُرمت هذا العام هي وأسرتها الصغيرة من مؤونة الشتاء؛ نتيجة الارتفاع الكبير لأسعار الخضروات والفواكه.
انتصار أكدت أنها؛ ومنذ صغرها، اعتادت على مبدأ رخص أسعار الخضروات والفواكه في هذا الوقت من السنة في كل عام؛ نتيجة الكميات الكبيرة التي تُطرح في الأسواق؛ الأمر الذي يحدو بالعوائل للتوجه إلى صناعة مؤونة الشتاء؛ كـ “المكدوس، والمحمرة، والملوخية، والشجيج، والمربيات بكافة أنواعها”.
ونوهت إلى استغرابها كما هو حال أترابها من ربات المنازل، من الارتفاع الكبير بأسعار الفواكه والخضروات؛ وأضافت: “لم أستطع أن أموّن كيلو غرام واحد من الثوم؛ هل يُعقل أن أشتريه بـ 40 ألف ليرة سوريّة؟!”
دور ضابطة البلدية المستمر في ضبط الأسعار
وعلى لسان الرئيسة المشتركة لبلدية الشعب في الحسكة؛ “سعدية كوتي”، أكدت أن البلدية وعبر “الضابطة” تقوم بجولات مكوكية على المحال التجارية فضلاً عن الأسواق المركزية لضبط الأسعار وتقليل هوامش الربح بما يصب في صالح المواطن؛ المستهلك المباشر لهذه المواد.
إلا أنها أكدت أن هامش تحركهم يضيق مع الحصار المفروض على إقليم شمال وشرق سوريا؛ وضعف الإنتاج المحلي نتيجة التغيرات المناخية المتطرفة التي يعاني منها مناطق الإقليم منذ عدة أعوام؛ إضافةً إلى تراجع القيمة الشرائية لليرة السوريّة والتضخم الكبير الذي لحق بأسعار المواد نتيجة سنين الحرب.
ختاماً؛ يأتي هذا الارتفاع في الأسعار تزامناً مع انخفاض قيمة صرف الليرة السوريّة أمام العملات الأجنبية وعدم وجود توازن بين المردود اليومي والأسعار، فيما يواجه المواطنون في مدن وبلدات إقليم شمال وشرق سوريا عجزاً في تأمين المواد الأساسية للحياة اليومية؛ بينما تتحمل مدينة الحسكة وأهلها العجز الأكبر؛ نتيجة العوامل التي سبق ذكرها.