سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الحرية لا تكتم على أعواد المشانق

 استيرك كلو_

من ضمن ما يشهده الواقع الكردستاني من كفاح جبار بقيادة المرأة، تستمر الأنظمة الاستبدادية بممارسة كافة أشكال العنف والغصب والاحتلال؛ وذلك خوفاً من فقدان وجودها والاقتراب من يوم قيامتها، هذا بالضبط حقيقة المشهد المعاش في الأزمة المسماة بالحرب العالمية الثالثة في منطقتنا. شكل وطابع هذه الحرب يعتمد في جوهره على الذهنية الجنسوية التي تتخذها هذه الأنظمة كحبل نجاة في صراعها مع الموت. ومع قيام انتفاضة أمة النساء، “المرأة، الحياة، الحرية” في روجهلات كردستان وثم كردستان والعالم، أدركت الأنظمة الدولتية وعلى رأسها ايران مدى خطورة هذا الانتفاض الذي هز عرش سلطتها ليس في كردستان فحسب، بل في الشرق الأوسط والعالم أيضاً. ومن جديد أعادت الكرة لكتم صوت الحرية على أعواد المشانق باصدار قرار الإعدام بحق المناضلة والناشطة والصحفية بخشان عزيزي والمناضلة شريفة محمدي بعد تعذيب وانتهاك حقوقي في سجن ايفين بطهران.
مع زيادة أعواد المشانق تعاظمت حجم الانتفاضة لتتخطى حدود ايران الجغرافية وتوحد صوت جميع النساء المناضلات باسم الحرية في العالم، غنت نساء العالم أغنية “المرأة، الحياة، الحرية” لتصبح فلسفة يسرن على خطاها إلى تحقيق مجتمع حر وديمقراطي.
لن تتمكن لا ظلام زنزانة إيفين ولا جلاديها من كتم صوت شيرين المهولي ولا زينب جلاليان؛ لأنهن أصبحن شرارة الانتفاضة التي أطلقتها جينا أميني. ثورة المرأة في روجهلات كردستان من أكثر الثورات التي تعبر عن ثقافة المقاومة ضد ثقافة الاغتصاب والعنف. النظام الذكوري قائم على أعنف أشكاله تحت ظل حكم النظام الإيراني المجرد من الحقوق الانسانية، والذي يتخذ من التسلط على المرأة وانتهاك حقوقها أساسا في دساتيرها، لا تحمل هذه القوانين أي نوع من الحقوق الإنسانية وخاصة إذا كان الموضوع متعلق بهوية المرأة وكرديتها، فتتخذ المسألة منحى آخر، حيث تصبح جنس المرأة ذنب وحرام، وكأن الأنوثة جرم تستجيب العقاب، فتباح السبل كافة؛ لقتلها واغتصابها باسم الشريعة، وإن كانت كردية فتصبح المسألة أكبر وتستحق عقاباً أعظم، هذا بالضبط ما يشرعه نظام إيران وجميع الأنظمة الحاكمة في كردستان، فالكردياتية جرم يستحق العقوبة وفق القوانين الموجودة في دساتيرهم.
فالمرأة الكردية تستمد قوتها وإصرارها في تحقيق ثورتها من إيمانها بتحقيق مجتمع ديمقراطي على أسس ومبادئ حرية المرأة التي تعتبر مقياساً أساسياً لدمقرطة أي مجتمع في العالم. مقياس أي مجتمع في الحرية هو نفسه مقياس حرية المرأة فيه، ولدى تصاعد هذا الدور في المرحلة الأخيرة، توجهت الأنظمة بجام قوتها في القضاء على هذه القوة القادرة على تسيير المجتمع نحو التغيير الديمقراطي، وإن لم يتم القضاء على الذهنية الذكورية فلا يمكن الخلاص من الحروب الدموية التي أنهكت الشعوب والأمم وعلى رأسها أمة المرأة.
إصدار قرار الإعدام بحق الصحفية والناشطة النسوية بخشان عزيزي وشريفة محمدي من قبل النظام الإيراني، ليس إلا محاولة لطمس انتفاضة “المرأة، الحياة، الحرية”. وكذلك قرار لكتم صوت جميع النساء في كردستان والعالم. لذا؛ كواجب إنساني وكمسؤولية تاريخية تقع على عاتق جميع النساء الوقوف ضد هذه الممارسات اللاأخلاقية، حتى نستطيع إيصال صوت الحقيقة إلى جميع العالم. فرفيقتنا بخشان تدعونا إلى المقاومة والنضال ضد ظلام العبودية والذكورية كنساء أولاً وككرديات ثانياً “للحقيقة بدائلها ولا نخاف من المشانق”، أما كصحفية فرسالتها واضحة أيضاً، وليكن لدينا رسالة في الإصرار على إظهار الحقيقة وإن كلفت أعناقنا.