الحدود في المفهوم العام، تأتي بمعنى حصر الشيء وبيان حجمه، لذلك أي تغيير في الحدود يغير المفاهيم والمعاني في أي أمر كان، وأهم هذه الحدود هي الحدود الشرعية التي وصفها الله سبحانه وتعالى في قوله: “تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”، أعطى الله سبحانه وتعالى أهمية كبرى للحفاظ على الحدود، وجعل من يتعداها ظالم لنفسه، فيجب أن يكون هناك حدود للأفكار، وكذلك حدود للأقوال والكلمات، والأفعال، ذلك من نماذج حدود الأقوال قول الله سبحانه وتعالى: “لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ”، أي أن الإنسان لا يجب أن يسأل لماذا خلق الله هذا الشيء؟، ولماذا يجري هذا الشيء في خلق الله وكأنه يحاسب الله سبحانه وتعالى بأقواله، وكذلك حدود الأقوال الشرعية، وقول الخير والإمساك عن قول السوء والشر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه”.، أي أن الكلمات والأقوال لها حدود يجب أن تكون ضمن أمور الخير، أما حدود الأفعال والأعمال فهي واضحة في القرآن الكريم، وهي حدود المواريث وحدود القتل وحدود الزنا وحدود القذف وحدود السرقة وغيرها من الأعمال التي يمكن أن يرتكبها الإنسان في حياته بيده ولسانه وجوارحه، لذلك وضع الله سبحانه وتعالى لها حدوداً لكي لا يتجاوزها الإنسان بسهولة ويراها إنها هينة، وحتى حدود الأرض وتخومها التي يضعها الإنسان بالتراضي، وتصبح معروفة يجب الالتزام بها وعدم تغييرها إلا بالحق، يقول صلى الله عليه واله وصحبه وسلم: “لعن من ذبح لغير الله، ولعن من لعن والديه، ولعن من آوى محدثًا، ولعن من غير منار الأرض، أي حدودها عندما يتجاوز الجار حدود جاره”، سواء حدود بيته أو دولة تستولي على أراضي دولة أخرى، وتغير حدودها، هذا كله يدخل في باب سخط الله ولعنته، لذلك نرى أن أمر الحدود في الإسلام عظيم جداً، يدخل في المجالات كلها.