سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الجرائم ضد المرأة السورية …جرائم ضد الإنسانية

لينا بركات –

انضمت سوريا إلى عدد من المعاهدات الدولية التي تكفل طائفة من الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية لجميع الأشخاص الخاضعين لولايتها. انضمت سوريا كذلك إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وينطبق القانون الدولي لحقوق الإنسان في جميع الأوقات، سواءً في أوقات السلم أو النزاع المسلح، ولكن الدول قد تتخذ في حال واجهت ظرفاً طارئاً كالنزاع المسلح إجراءاتٍ لا تتقيد بالتطبيق الكامل لمعاهدة معينة. وتنظم المعاهدات في حالة عدم التقيد هذه.
وحتى عندما لا تتقيد الدولة بتطبيق معاهدة ما، فإن القانون الدولي لحقوق الإنسان ينص على بعض بنود الحماية على وجه التحديد مثل حظر التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة وعلاوةً على ذلك، تنص لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بوضوح على أنه لا يجوز للدول أبداً أن “تحتج بالمادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لتبرير تصرف ينتهك القانون الإنساني أو القواعد الآمرة للقانون الدولي، مثل أخذ رهائن أو فرض عقوبات جماعية أو الحرمان التعسفي من الحرية أو الخروج عن المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة، بما في ذلك افتراض البراءة”.
وعلى أية حال، فإن سوريا لم تقيد تطبيق أي معاهدة دولية وهذا يعني أن سوريا لا تزال ملزَمة بجميع أحكام معاهدات حقوق الإنسان المذكورة أعلاه. وحيثما وجدت خروقات للالتزامات الواردة في المعاهدات ذات الصلة، فإن الدولة هي مَن يتحمل المسؤولية عن تلك الخروقات.
إن سوريا هي أحد الأطراف الموقعة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة منذ عام 2003م، ولكنها أعربت عن تحفظات بشأن عدة مواد من الاتفاقية، وعلى الرغم من هذه التحفظات، هناك التزامات دولية على سوريا بأن “تحقق وتمنع وتقاضي وتعاقب” مرتكبي العنف ضد النساء. يتضمن القانون الدولي أيضاً أحكاماً محددة بشأن العنف الجنسي، لا سيما في سياق النزاع المسلح. فمنذ أن أقر مجلس الأمن الدولي القرار “1325”، أصبح المجلس مخولاً بالتعامل مع كافة أنواع العنف الجنسي المرتكب خلال “أوضاع مقلقة”، أي أوضاع انعدام الاستقرار التي يمكن أن تقود إلى النزاع، وأوضاع ما بعد النزاع أو أوضاع القلاقل السياسية. وقد أقر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة مؤخراً بالروابط ما بين المحافظة على السلام والأمن الدوليين وبين مكافحة العنف ضد النساء، وخصوصاً العنف الجنسي، وذلك عبر تبني القرار”2122” كما يشير القانون الجنائي الدولي إشارة صريحة إلى العنف الجنسي ضد النساء. ويعرّف نظام روما الأساسي أفعال العنف الجنسي بأنها تتضمن “الاغتصاب، والاستعباد الجنسي، والبغاء القسري، والحمل القسري، والقمع أو أي نوع من العنف الجنسي الذي يُرتكب في ظروف مشابهة للاغتصاب”، كما ينص على أن هذه الأعمال قد تمثّل جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية إذا كانت جزءاً من “إما سياسية حكومية أو ممارسة واسعة النطاق لفظاعات تتعامى عنها أو تتسامح بشأنها الحكومة أو أي سلطة بحكم الأمر الواقع أو أي جماعة مسلحة منظمة”. كما قد تُعتبر بأنها أعمال تعذيب إذا تم ارتكابها بتحريض من مسؤول حكومي ويمكن عزوها إلى الدولة. ووفقاً للقانون الجنائي الدولي، فإن العنف الجنسي المرتكب في إطار نزاع عسكري يمكن أن يُعتبر كسلاح أو أسلوب حربي إذا ما تم استهداف المدنيين بصفة مقصودة، وإذا ما استُخدم لتحقيق أغراض عسكرية أو سياسية