بالرغم من أن القوى الدولية والإقليمية تركز وبشكل دائم على أنه يجب حماية وحدة الأراضي السورية، إلا أنَّ الواقع العملي والسياسات التي يتم ممارستها تؤكد على أنهم يعملون على تقسيم سورية إلى مناطق نفوذ وإلى مناطق ملحقة بدول أخرى مثلما صار سابقاً، ومن مؤشرات هذه السياسة الخطيرة هي مسألة التغيير الديمغرافي الممنهج الذي يتم تطبيقه منذ أن تم نقل الموالين للجيش الحر من حلب إلى إدلب واليوم يتم تغيير ديمغرافية عفرين. في الحقيقة هذه المسالة ليست مسالة عشوائية كما يظنها البعض، بل إنَّهم بذلك يُعدُّون للعبة لعينة تهدف إلى أن يعمل السوريون لقتل بعضهم البعض وبذرالعداوة بينهم إلى الأبد؛ وذلك لسببين أولهما: لأن هذا التغيير يعتمد على ناحية قومية ومذهبية، وهو تعميق الفتنة الدائمة بين المكونات والشعوب، فالهدف من جمع كل القوى السنية المتطرفة في كل من إدلب وإعزاز وجرابلس والباب وغيرها من المناطق يؤكد على أن هذه المناطق ستتحول إما إلى بؤرٍ لداعش جديد أو سيتم إلحاقها بتركيا؛ لأن هذه القوى ستنظم نفسها بحيث سترفض مستقبلاً العيش مع السوريين الآخرين نتيجة انقطاعهم التام عن النسيج السوري. السبب الثاني: هو أن التغيير الديمغرافي على أساس التطهير القومي مثلما يتم في عفرين؛ يفتح الطريق أمام إبادة شعب وهو تحريم هذا الشعب من أرضه وثقافته ويهدف إلى إثارة الفتنة وبشكل دائم بين المكونين العربي والكردي بحيث تتحول هذه المنطقة إلى بؤرة لنشر العداوة بين الطرفين وأيضا القيام بالتحضير مستقبلاً لإلحاق هذه المنطقة أيضا بتركيا. الأمر الآخر المتعلق بهذه القضية هو أن كل هذه السياسات تخدم دولة واحدة وهي تركيا. فتركيا محترفة من ناحية التتريك وإلحاق المناطق بها، فهي تعمل وبشكل ممنهج لتطبيق هذه الاستراتيجية وهو ضرب السوريين ببعضهم البعض والاستفادة من هذا الشيء تحت اسم حماية العرب، أو حماية التركمان أو حماية السنة. ولكن؛ كلها غبار لذر العيون؛ فالهدف هو اقتطاع أجزاء من سورية وضمها لتركيا وذلك بالتعاون مع سوريين باعوا أنفسهم مقابل أموال وبتواطئ مع بعض الدول التي لا يهمها الوضع في سورية وإنما المهم هو المحافظة على مصالحها.
هذا المشروع الخطير وللأسف لا يتم رفضه وبشدة من قبل من يسمي نفسه بالمعارضة، من قبل من يقوم بالترويج اليومي بأنهم ضد التقسيم، المكونات في شمال سورية و الأحزاب الكردية هي فقط تقوم بإثارة القضية وطرحها يومياً كقضية خطيرة، وهذه غفلة كبيرة من قبل القوى السورية بما فيها النظام الذي يؤكد يومياً على أن وحدة سورية أمرٌ لا يمكن التفريط به. ولكن؛ إذا لم يتم الوقوف معاً ضدَّ هذه القضية التي تستهدف كل السوريين، فإن سورية ستتقسم ومن النصف بحيث ستقوم تركيا بخلق شريط يبدأ من إدلب حتى جرابلس وستعمل على إطالة وتوسيع هذا الشريط، وليعلم الجميع أنَّه إذا وطئت قدم عسكر تركي لمكان ما، فإن هذا المكان سيتحول إلى مستعمرة تركية.