البيئة المحيطة: تُشكل البيئة التي تعمل المشروعات العامة في إطارها مؤثراً فعالاً على أداء تلك المشروعات، وقد أوجدت هذه البيئة بمكوناتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة وبأبعادها المحلية والإقليمية والعالمية عدداً من المؤثرات والمحددات المعوّقة لأداء المشروعات العامة، ولاطلاعها بدورها الاستراتيجي ويمكن الإشارة هنا إلى بعض هذه المؤثرات والمحددات:
ـ الحوافز المغلوطة السائدة في كل من أجهزة الإدارة العامة والقطاع الخاص: مثل ما يُلاحظ في الإدارة العامة من سهولة الترقي الوظيفي وسهولة أعباء العمل وسهولة متطلباته المهنية واكتساب النفوذ وإمكانية استخدامه.
ـ ضعف الحس الاقتصادي: نتيجة للوفرة النقدية والتوجه الاستهلاكي لمجتمعات المنطقة؛ فإن الحس الاقتصادي في مجال الإنفاق العام قد ضعف مما أدى إلى تقليل النظرة الاقتصادية للأمور، وقد انسحب هذا الضعف من قطاع الإدارة العامة “حيث لا ينظر إلى اقتصاديات النفقات كما ينبغي” إلى قطاع المشروعات العامة ذات المحتوى الاجتماعي الغالب وأخيراً امتد إلى الكثير من المشروعات العامة التجارية، مما إلى ارتفاع تكلفتها الرأسمالية والتجارية، وأثر على مردودها الاقتصادي.
ـ المحددات الخارجية: إن أهم المشروعات العامة في المنطقة هي بطبيعة الحال المشروعات النفطية أو المشروعات القائمة على أساس الميزة النسبية التي أتاحها توفر الغاز الطبيعي، وهذه المشروعات ذات تأثيرات سياسية واقتصادية واستراتيجية بالنسبة للعالم، ولذلك فالدول المعنية لا ترغب في التطوير السليم لها، ولا في نجاح المنطقة في عملية توطينها، ولا في تزايد القدرات المحلية على استيعاب التقنية اللازمة لوجود هذه المشروعات وتطوريها، وهذا ما يجعل تلك الدول تضغط في اتجاهين، اتجاه نموها واتجاه السيطرة عليها وتوجيهها وفقاً لما يتماشى مع مصالحها.
ـ المحددات الاجتماعية: إن البيئة الاجتماعية السائدة في المنطقة تحد من إمكانية بروز قيادات ذات كفاءة للمشروعات العامة، حيث تبرز قوة الاعتبارات التقليدية في كثير من الأحيان وتشكل عائقاً يحول دون الاختيار الموضوعي لهذه القيادات. فإن الاعتبارات الاجتماعية من محسوبية ومراعاة للخاطر وحساسية مفرطة تجاه النقد تُشكّل ضغطاً على إدارة المشروعات وتؤثر على قدرتها في تطبيق القواعد الموضوعية اللازمة للإدارة العلمية.